للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليقضي على الفتنة التي حدثت بين المسلمين؛ بسبب جهلهم هذه القراءات. يدل على ذلك ما أخرجه الطحاوي عن أبي قلابة قال: حدثني رجل من بني عامر يقال له أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "اختلفوا في القرآن على عهد عثمان حتى اقتتل الغلمان والمعلمون، فبلغ عثمان فقال: "عندي تكذبون به وتختلفون فيه فمن نأى عني كان أشد تكذيبًا، وأكثر لحنًا"، وقال لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -: اجتمعوا فاكتبوا للناس، قال: فكتبوا، قال: فحدثني أنهم إذا تدارءوا في آية قالوا: هذه أقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلانًا، فيرسل إليه وهو على رأس ثلاث من المدينة، فيقال: "كيف أقرأك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا؟ ، فيقول: كذا، وكذا، فيكتبونها، وقد تركوا لها مكانا". قال الطحاوي: فهذا في التوكيد فوق ما في حديث خارجة، والله نسأله التوفيق (١).

أي أن مهمة الجمع لم تكن قاصرة على أعضاء اللجنة الأربعة المنصوص عليهم في حديث خارجة بن زيد فحسب؛ بل تتسع الدائرة حتى تشمل كل من سمع من رسول الله شيئًا ولو قليلًا زيادة في التوكيد.

٥ - كتبت المصاحف على اللفظ الذي استقر عليه في العرضة الأخيرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما صرح به غير واحد من أئمة السلف كمحمد بن سيرين، وعبيدة السلماني، وعامر الشعبي (٢).

٦ - الكتابة تمت بشكل يجمع ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة في العرضة الأخيرة، وقد ساعد على ذلك عدم التشكيل، وعدم التنقيط. قال ابن الجزري "وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين إلى أن هذه المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط، جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها النبي - صلى الله عليه وسلم - على جبريل - عليه السلام -، متضمنة لها لم تترك حرفًا منها" إلى أن قال "وهذا القول هو الذي يظهر صوابه؛ لأن الأحاديث الصحيحة والآثار المشهورة المستفيضة تدل عليه وتشهد له ثم قال: "فكتب الصحابة المصاحف على لفظ لغة قريش والعرضة الأخيرة، وجردوا المصاحف عن النقط والشكل لتحتمله صورة ما بقي من الأحرف السبعة" (٣)، ما لم يكن في العرضة الأخيرة مما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤).


(١) مشكل الآثار ٧/ ١٣٨.
(٢) النشر في القراءات العشر ١/ ١٦.
(٣) المصدر السابق ١/ ٣١.
(٤) المصدر السابق ١/ ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>