للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسرائيل على نفسه، قال: "كَانَ يَشْتَكِي عِرْقَ النَّسَا، فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُلائِمُهُ إلا ألْبَانَ كَذَا وكَذَا -قال أحمد: قال بعضهم: يعني الإبل- فَحَرَّم لُحُومَهَا". قالوا: صدقت. قالوا: أخبرنا ما هذا الرَّعد؟ قال: "مَلَكٌ مِنْ مَلائِكَةِ الله مُوَكلٌ بِالسَّحَابِ بِيدِهِ أو فِي يَدِه - مِخْرَاقٌ مِنْ نَارٍ يَزْجُر بِهِ السّحابَ، يَسُوقُهُ حَيْثُ أَمَرَهُ الله عز وجل". قالوا: فما هذا الصوت الذي يُسمع؟ قال: "صَوْتُه". قالوا: صدقت، إنما بقيت واحدة، وهي التي نتابعك إن أخبرتنا بها، فإنه ليس من نبي إلا له ملك يأتيه بالخبر، فأخبرنا من صاحبُك؟ قال: "جبْرِيلُ عليه السلام". قالوا: جبريل ذاك يَنزل بالحَرْب والقتال والعذاب عَدُوُّنا. لو قلتَ: ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقَطْر لَكَانَ، فأنزل الله عز وجل: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} (البقرة: ٩٧) (١).

يقول تعالى آمرًا عباده بالنظر في مخلوقاته الدالة على قدرته وعظمته: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}؟ فإنها خَلق عجيب، وتركيبها غريب، فإنها في غاية القوة والشدة، وهي مع ذلك تلين للحمل الثقيل، وتنقاد للقائد الضعيف، وتؤكل، وينتفع بوبرها، ويشرب لبنها. ونبهوا بذلك لأن العرب غالب دوابهم كانت الإبل، وكان شريح القاضي يقول: اخرجوا بنا حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت (٢).

ولبن الإبل أرطب الألبان وأقلها دسمًا (٣).

الوجه الخامس: أن هذا اختيار للمريض وليس إجبارًا.

فعن جابر، عن عامر قال كان حبان السرقي يصف أبوال الإبل لمن كان به بأس وإلا لم يصفها (٤).

الوجه السادس: أن هذا الدواء كان عند العرب.


(١) حسن. مسند أحمد (١/ ٢٧٤)، الترمذي (٣١١٧).
(٢) تفسير ابن كثير (٨/ ٣٨٧).
(٣) الجامع لمفردات الأدوية والأغذية لابن البيطار (٢/ ١٢٥).
(٤) مصنف ابن أبي شيبة (٢٣٦٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>