للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم؟ والمقصود أن مثل هذا الاختلاف الذي لا يعلم صحيحه، ولا تفيد حكاية الأقوال فيه، هو كالمعرفة لما يروى من الحديث الذي لا دليل على صحته وأمثال ذلك.

وأما القسم الأول، الذي يمكن معرفة الصحيح منه، فهذا موجود فيما يحتاج إليه ولله الحمد (١).

[الوجه الرابع: مبدأ دخول الإسرائيليات على المسلمين.]

نستطيع أن نقول: إن دخول الإسرائيليات على المسلمين، أمر يرجع إلى عهد الصحابة - رضي الله عنهم -، وذلك نظرًا لاتفاق القرآن مع التوراة والإنجيل في ذكر بعض المسائل كما تقدَّم، مع فارق واحد، هو الإيجاز في القرآن، والبسط والإطناب في التوراة والإنجيل. وأن الرجوع إلى أهل الكتاب، كان مصدرًا من مصادر التفسير عند الصحابة، فكان الصحابي إذا مَرَّ على قصة من قصص القرآن يجد من نفسه ميلًا إلى أن يسأل عن بعض ما طواه القرآن منها ولم يتعرض له، فلا يجد مَن يجيبه على سؤاله سوى هؤلاء النفر الذين دخلوا في الإسلام، وحملوا إلى أهله ما معهم من ثقافة دينية، فألقوا إليهم ما ألقوا من الأخبار والقصص الديني (٢).

شبهة أخرى: الرد على قولهم أن الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - رووا كثيرًا عن أهل الكتاب:

أولًا: جواز الرواية عن بني إسرائيل مالا يخالف شريعتنا:

قال - صلى الله عليه وسلم -: "بلِّغُوا عنِّي ولو آيةً، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حَرَجَ، ومن كذب عليّ متعمدًا فليتبوأْ مقعده من النار".

هذه الأحاديث الإسرائيلية تُذكر للاستشهاد، لا للاعتضاد. فإنها على ثلاث: أحدها: ما علمنا صحتَه مما بأيدينا مما نشهدُ له بالصدق، فذاك صحيح. والثاني: ما علمنا كذبَه بما عندنا مما يخالفه. والثالث: ما هو مسكوت عنه، لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (التفسير) (٢/ ٢٩٦).
(٢) التفسير والمفسرون (١/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>