للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أدلة القول الأول]

قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: ٤]. وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الشورى: ٧]. وقوله تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: ١٩٥). وقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: ٣]. وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا} [الرعد: ٣٧]. وقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: ٢]. ونفى عنه جل ثناءه كل لسان غير لسان العرب في آيتين من كتابه: فقال تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: ١٠٣]. وقوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت: ٤٤].

إلى غير ذلك من الآيات الناطقة بأن هذا القرآن عربي لا يشارك العربية فيه كلام أمة أخرى.

قال الزركشي: اعلم أن القرآن أنزله الله بلغة العرب، فلا يجوز قراءته وتلاوته إلا بها؛ لقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} وقوله: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا} الآية، يدل على أنه


= وَمَنْ حَوْلَهَا} (الشورى: ٧). وأم القرى مكة، وهي بلده وبلد قومه، فجعلهم في كتابه خاصة، وأدخلهم مع المنذرين عامة، وقضى أن يُنذروا بلسانهم العربي: لسان قومه منهم خاصة. فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جَهدُه، حتى يشهد به أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، ويتلوا به كتاب الله، وينطق بالذكر فيما افترض عليه من التكبير، وأمر به من التسبيح والتشهد وغير ذلك.
وما ازداد من العلم باللسان، الذي جعله الله لسان من ختم به نبوته، وأنزل به آخر كتبه: كان خيرًا له كما عليه يتعلمُ الصلاة والذكر فيها، ويأتي البيت وما أمر بإتيانه، ويتوجه لما وجه له. ويكون تبعًا فيما افترض عليه، وندب إليه لا متبوعًا. وإنما بدأت بما وصفت من أن القرآن نزل بلسان العرب دون غيره؛ لأنه لا يعلم من إيضاح جمل علم الكتاب أحدٌ جهل سعة لسان العرب، وكثرة وجوهه، وجماع معانيه وتفرقها. ومن علمه انتفت عنه الشبه التي دخلت على من جهل لسانها. فكان تنبيه العامة على أن القرآن نزل بلسان العرب خاصة: نصيحة للمسلمين. والنصيحة لهم فرض لا ينبغي تركه، وإدراك نافلة خير لا يدعها إلا من سفه نفسه، وترك موضع حظه. وكان يجمع مع النصيحة لهم قيامًا بإيضاح حق. وكان القيام بالحق ونصيحة المسلمين من طاعة الله. وطاعة الله جامعة للخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>