ويرد الإمام القرطبي ويقول: معنى الأمر الكريم {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} أي اذكر اسمه. أمره أن يبتدئ القراءة باسم الله (١).
وقيل: فيه حثٌّ لأمته على العلم، وقد أكد الرسول - صلى الله عليه وسلم - على هذا في الكثير من أحاديثه، أي أن المعني رمزيًا، وليس ملموسًا كما ذهب أغلب النصارى.
والجدير بالذكر أنه على الرغم من حث النبي الكريم أصحابه على طلب العلم وبيانه لفضل العلم ومنزلة العلماء؛ ولكن لم ينتقده أبدًا أحد من أصحابه، بسبب أميته أو يحاول أحدهم تعليمه مبادئ القراءة والكتابة أو شيء من هذا القبيل، وذلك يرجع أولا إلى علو مكانة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه فلا ذكر هنا لأميّته وإن كانت أمرًا واقعًا. وثانيا: إن أمية النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - لم تكن لتمنع أصحابه أن يتلقوا مبادئ الإسلام على يديه - صلى الله عليه وسلم -.
[الوجه الثالث: هل الثقافة والنبوة لا تجتمعان؟]
ولا يفهم النصارى مفهوم الثقافة بالنسبة للأنبياء فيصرون على أن كل الأنبياء الذين ورد ذكرهم في كتبهم كانوا على درجة عالية من الثقافة، وسيدهم موسى الكليم -ولا زال الكلام عن لسانهم- الذي يقولون أنه قد تثقف في قصر فرعون بكل علوم المصريين، وحكمتهم أما بالنسبة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - فيتعجبون من موقف المسلمين في الإصرار على أمّيته.
ونقول لهم: إن أولئك الأنبياء صلوات ربي عليهم وتسليمه قد بعثوا في قومهم مثلهم كمثل العالم الفقيه في الأمّة الإسلامية، ولم يكن من المستغرب أن يسمع بهم الخاصة والعامة في وقت من الأوقات، ولم يكن قيامهم إنكارًا لقيام الأنبياء من قبلهم، بل هو تفسير لبعض الأسفار وحض على اتباع السنن التي رسمها لهم من قبل إبراهيم وإسحاق ويعقوب وداوود وموسى عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام، فلا مجال هنا للتفكير في ثقافة ذلك النبي ونترك التفكير في دعوته. أما في حالة محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه خاتم هؤلاء الأنبياء وصاحب الشريعة الخاتمة الذي بعث للناس كافة. . الأميون منهم والكتابيون، فهنا تظهر