اكتسى حيوان بصوف أو وبر أو شعر ولا اكتسى طير بريش، ولا حاول الإنسان منذ نشأته الأولى أن يكتسي.
وأما زعم من يزعم أن الناس إذا ألفوا التعري فإنه يفقد تأثيره فلا يغري أحدًا بفساد فزعم باطل أيضًا؛ لأن التعري ليس من الأمور التي تفقد تأثيرها بتكرارها، وإيلاف الناس إياها. إنه ليس كقصف المدافع، وفرقعة القنابل التي يألفها جنود الميدان وينامون أو يستذكرون دروسهم عليها؛ لأن وراء التعري ما ليس وراء المدافع والقنابل من غريزة جامحة وثابة لا تكل ولا تمل، ونشاطها في تجدد مستمر، كنشاط غريزة الطعام، وسرعان ما تهيج حين يعرض لها ما يهيجها إذا لم تشبع كما يسيل لعاب الجائع على الأكل حين يعرض عليه.
وإن الإنسان وبخاصة المدني الذي أوقظت حواسه وملكاته ومشاعره أبلغ إيقاظ بالعلم والفن والتدريب، وأرهف حسه أيما إرهاف، وعرف معنى الجمال في كل شيء وفي المرأة، ودرب على تذوقه والالتذاذ به وأخذ يغذي نفسه وروحه بضروب الجمال المختلفة في المساكن والأثاث والطعام والبساتين والمسارح والنساء لجدير أن يتأثر أبلغ تأثر بالمرأة العارية ويهيج هياج.
وإن الأمم التي لا تزال عارية على الفطرة كبعض أمم أوساط أفريقية وجنوبيها لتشيع فيها المفاسد والأمراض الخبيثة، ولبعض القبائل العارية قوانين صارمة لحماية البنات من مهاوي الفساد من جراء العري، ومع ذلك فيها ما فيها مما لا يلائم الفضيلة التي ينشدها العالم المتحضر.
الوجه الرابع: من هم أعداء المرأة؟ (١)
قضية الحجاب ليست مجرد اصطلاح بشري، أو مذهب لقوم من الناس، أو قانون وضعي، أو عرف لبيئة من البيئات تقرره أو ترفضه وتلغيه أو تعدله، كما تنعق الأبواق المسلطة على حياة الناس وشرفهم وعفافهم، لتدمير إنسانيتهم، وتحطيم كرامتهم، وفق