للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى الله عليه وسلم- فتنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ. (١)

قال ابن حجر: والمقصود من الأخذ باليد لازمه وهو الرفق والانقياد، وقد اشتمل على أنواع من المبالغة في التواضع لذكره المرأة دون الرجل، والأمة دون الحرة، وحيث عمم بلفظ الإماء أي أمة كانت وبقوله: (حَيْثُ شَاءَتْ) أي من الأمكنة. (٢)

شفقته ورأفته ورحمته -صلى الله عليه وسلم-: قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} (التوبة: ١٢٨).

وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالمِينَ} (الأنبياء: ١٠٧). عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحْاشِيةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ جَبْذَةً حَتَّى رَأَيْتُ صَفْحَ أَوْ صَفْحَةَ عُنُقِ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قَدْ أثَّرَتْ بِهَا حَاشِيةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ فَقَال: يَا مُحَمَّدُ أَعْطِنِي مِنْ مَالِ الله الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. (٣)

ومن شفقته على أمته -صلى الله عليه وسلم- تخفيفه وتسهيله عليهم. وكراهته أشياء مخافة أن تفرض عليهم كقوله عليه الصلاة والسلام: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أمّتي لَأمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ" (٤)

ونهيهم عن الوصال. ورغبته لربه أن يجعل سبه ولعنه لهم رحمة بهم، وأنه كان يسمع بكاء الصبي فيتجوز في صلاته. (٥)

وَعَنْ أَبي قَتَادَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَال: "إِنِّي لَأقومُ فِي الصَّلَاةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا فَأَسْمَعُ


(١) البخاري (٦٠٧٢).
(٢) فتح الباري لابن حجر ١٠/ ٥٥٢.
(٣) البخاري (٥٨٠٩)، مسلم (١٠٥٧).
(٤) أحمد في مسنده ٢/ ٤٦٠، وابن خزيمة في صحيحه ١/ ٧٣ وغيرهما، وصححه الألباني في الجامع الصغير (٩٤٤٨)، وكذلك أورده البخاري في صحيحه بلفظ: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ".
(٥) انظر الشفا ١/ ١٣٨، ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>