للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. (١)

وهذا دور عظيم قامت به حفصة في جمع القرآن.

رابعًا: مواقفها السياسية:

ولحفصة أم المؤمنين مواقف مشهودة تدلّ على عمق فهمها ووعيها لمجريات الأمور.

فعندما تعرض الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لمحاولة الاغتيال راجعه المسلمون بأن يستخلف لهم، وعندما علمت حفصة بموقفه أصرّت على أخيها عبد الله بأن يكلمه وينقل له رأيها بضرورة الاستخلاف، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: دخلت على حفصة، فقالت: أعلمت أن أباك غير مستخلف؟ قال: قلت: ما كان ليفعل، قالت: إنه فاعل، قال: فحلفت أني أكلمه في ذلك، فسكت حتى غدوت ولم أكلمه، قال: فكنت كأنما أحمل بيميني جبلًا حتى رجدت فدخلت عليه، فسألني عن حال الناس وأنا أخبره، قال: ثم قلت له: إني سمعت الناس يقولون مقالة، فآليت أن أقولها لك، زعموا أنك غير مستخلف، وإنه لو كان لك راعي إبل، أو راعي غنم، ثم جاءك وتركها، رأيت أن قد ضيع فرعاية الناس أشد، قال: فوافقه قولي، فوضع رأسه ساعة، ثم رفعه إلي، فقال: إن الله عزَّ وجلَّ يحفظ دينه، وإني لئن لا أستخلف؛ فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يستخلف، وإن أستخلف فإن أبا بكر قد استخلف، قال: فوالله، ما هو إلا أن ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر، فعلمت أنه لم يكن ليعدل برسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحدًا، وأنه غير مستخلف (٢).

وتوفيت في شعبان سنة خمس وأربعين في خلافة معاوية وقد بلغت ثلاثًا وستين سنة، وقيل: ماتت سنة إحدى وأربعين وأوصت إلى عبد الله أخيها بما أوصى إليها عمر، وبصدقة تصدقت بها بمال وقفته بالغابة، وصلى عليها مروان ودفنت بالبقيع. (٣)

وذكر ابن كثير أنها توفيت سنة سبع وعشرين، وقيل: ثمان وعشرين.


(١) البخاري (٤٧٠٢).
(٢) أخرجه مسلم (١٨٢٣).
(٣) عيون الأثر (٢/ ٣٨٤)، الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين لعبد الرحمن بن محمد (٤١)، وأمهات المؤمنين في مدرسة النبوة؛ الفصل الثالث حفصة أم المؤمنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>