[٣٠ - شبهة: إعراض النبي - صلى الله عليه وسلم عن ضعفاء المسلمين، وإقباله على أصحاب الجاه.]
[نص الشبهة]
جاء في سورة عبس {عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (٤) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (٧) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (٨) وَهُوَ يَخْشَى (٩) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١٠)} (عبس ١٠: ١).
والسؤال: كيف يراعي محمد أصحاب الجاه ويرفض الفقير والمسكين ويقطب وجهه للأعمى؟ أين هو من المسيح عليه السلام الذي لما جاءه الأعمى أحاطه بعطفه ورعايته وأعاد إليه بصره؟
والجواب على هذه الشبهة من عدة وجوه:
[الوجه الأول: سبب نزول الآيات.]
الوجه الثاني: بيان العلة والسبب الذي شغل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ابن أم مكتوم - رضي الله عنه -.
الوجه الثالث: حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على دعوة الكبار والرؤساء للإسلام.
الوجه الرابع: أن الله عزَّ وجلَّ أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - ألا يطرد الضعفاء والمساكين، وأن يصبر نفسه معهم، ولا تعدوا عيناه إلى أهل الجاه والمنزلة في الدنيا.
الوجه الخامس: بيان أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الوجه السادس: ليس في نزول الآيات ذنب.
الوجه السابع: المسيح عليه السلام في الكتاب المقدس.
وإليك التفصيل
[الوجه الأول: سبب نزول الآيات.]
أجمع المفسرون على أن هذه الآيات نزلت في عبد الله بن أم مكتوم - رضي الله عنه -، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يوما يخاطبُ بعض عظماء قريش، وقد طَمع في إسلامه، فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابنُ أم مكتوم -وكان ممن أسلم قديمًا- فجعل يسأل رسول - صلى الله عليه وسلم - عن شيء ويلح عليه، وودَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لو كف ساعته تلك ليتمكن من مخاطبة ذلك الرجل؛ طمعًا ورغبةً في هدايته. وعَبَس في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه، وأقبل على الآخر، فأنزل