للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الثاني: لم يكتب عبد الله المعوذتين؛ لأنه أمن عليهما من النسيان، فأسقطهما وهو يحفظهما. وهذا لا يدل على الإنكار.]

قال ابن قتيبة: وأما إسقاطه الفاتحة من مصحفه فليس لظنه أنها ليست من القرآن - معاذ الله - ولكنه ذهب إلى أن القرآن إنما كتب وجمع بين اللوحين مخافة الشك والنسيان والزيادة والنقصان.

ومعنى هذا أن عدم كتابة ابن مسعود للفاتحة في مصحفه كان سببه وضوح أنها من القرآن وعدم الخوف عليها من الشك والنسيان والزيادة والنقصان (١).

كما أسقط فاتحة الكتاب من مصحفه، وما يشك في حفظه وإتقانه لها.

وسبيل كل ركعة أن تكون المقدمة فيها قبل ما يقرأ من بعدها، فإسقاط فاتحة الكتاب من المصحف على معنى الثقة ببقاء حفظها، والأمن من نسيانها صحيح، وليس من السور ما يجري في هذا المعنى مجراها، ولا يسلك به طريقها.

الثالث: ظن ابن مسعود أنهما دعاء تعَّوذ به، وليستا من القرآن.

قال ابن قتيبة: وسببه في تركه إثباتهما في مصحفه أنه كان يرى النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوذ بهما الحسن والحسين ويعوذ غيرهما، كما كان يعوذهما بأعوذ بكلمات الله التامة؛ فظن أنهما ليستا من القرآن فلم يثبتهما في مصحفه (٢).

ويدل على ذلك: عن علقمة عن عبد الله، أَنَّهُ كَانَ يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ الْمُصْحَفِ، وَيَقُولُ: إِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُتَعَوَّذَ بِهِمَا، وَكَانَ عَبْدُ الله لَا يَقْرَأُ بِهِمَا (٣).

الرابع: أنه خفي عليه التواتر، وأن مخالفته لا تقدح في التواتر.


(١) مناهل العرفان ١/ ١٩٢.
(٢) تأويل مختلف الحديث ١/ ٢٦.
(٣) حسن. أخرجه البزار في مسنده (١٥٨٦) من طريق محمد بن أبي يعقوب الكرماني. وأخرجه أبو يعلى كما في الإتحاف للبوصيري (٣٩٤٦)، والطبراني في معجمه الكبير ٩/ ٢٣٥ من طريق الأزرق بن علي. كلاهما (محمد، الأزرق) عن حسان بن إبراهيم، عن الصلت بن بهرام، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله. وإسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>