ولابد من الإشارة هنا إلى أن عفة الفتاة حقيقة كامنة في ذاتها، وليست غطاء يلقى ويسدل على جسمها، وما كان للثياب أن تنسج لصاحبها عفة مفقودة أو تخلق له استقامة معدومة. وما شرع اللَّه حجاب المرأة ليخلق لها هذه العفة والطهارة في أخلاقها، وإنما شرعه محافظة على عفة الرجال الذين قد تقع أبصارهم على مفاتنها، ولو كان المأمول في الحجاب أن يكون -كما يتوهم البعض- مجرد تصعيد لخلق الفتاة وعفتها، إذن لأجازت الشريعة الإسلامية أن تبرز الفتاة المحصنة الخلوقة عارية أمام الرجال كلهم، في أبهى مظاهر الفتنة والجمال (١).
وقد تبين أيضًا أن شرعة الحجاب لا تهدف إلى خلق الفضيلة في كيان الفتاة، أو المرأة المتحجبة. في من عاقل إلا ويعلم أن الثياب والأردية لم تكن يومًا ما لتغني عن أعمال التربية، والتنشئة الفاضلة.
ولكنه إنما شرع حماية لنفوس الرجال الناظرين إليها أن لا تستثيرهم الغرائز، فتحجبهم عن عقلانية المرأة وعن جهودها معهم في الفكر والعلم والبناء، ولكي لا يتيهوا عن مستوى أدبها وشعرها، منحطين إلى ما قد رأوه بأعين غرائزهم، من جمال شعرها، والمثير من زينتها وشكلها.
[الشبهة الرابعة: الحجاب مظهر غير حضاري وعائق عن تقدم المرأة.]
يقولون: إن شكل الحجاب الخارجي من مظاهر التخلف في المجتمعات، وهو مظهر غير حضاري، ويرددون مثل هذه الألفاظ الإسلام كبل المرأة بأثقال الحجاب. .! الإسلام فرض على المرأة التخلف عندما ألزمها بالحجاب. . تقدم المرأة وتحررها رهن بتحررها من قيود الحجاب. . إلخ.