كتاب موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام

الوجه الأول - الرواية الثالثة - ج: 9 - ص: 110

الرواية الثالثة: وهي أثر ثالث بهذا المعنى عن معمر قال: بلغني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أراد فراق سودة، فكلمته في ذلك فقالت: يا رسول الله، ما بي حرص الأزواج، ولكن أحب أن يبعثني الله يوم القيامة زوجًا لك. (١)

الوجه الثاني: وعلى فرض صحة هذه الزيادة، فلماذا همَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بطلاقها؟

والإجابة: كانت أسنت، وتوقع أن لا يوفيها حقها، فرغبت أن يمسكها، ويجعل يومها لعائشة بنت أبي بكر، فأمسكها. (٢)

الوجه الثالث: أن في هذا منقبة عظيمة تدل على سعة فهمها حيث أراحت قلب زوجها، وحافظت عليه زوجًا كي تبعث يوم القيامة في أزواجه -صلى الله عليه وسلم-.

الوجه الرابع: وعلى فرض صدور مثل هذا الهم من النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا عيب؛ لأن الطلاق في شريعة الإسلام حلال، وقد أكرم الإسلامُ المرأةَ حتى في طلاقها بما لا تذم به المرأة ولا تعاب بعد طلاقها، فكيف وهي لم تطلق بحمد الله تعالى؟

ثانيًا: وفاتها والاختلاف في التاريخ:

توفيت في آخر خلافة عمر بالمدينة. (٣) قال النووي: وهذا قول الأكثرين. (٤) وروى عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال: أن سودة -رضي الله عنها- تُوفيت في زمن عمر. (٥)

وقال الواقدي: وماتت بالمدينة في شوال سنة أربع وخمسين، قال: وهذا الثبت عندنا. (٦)

---

= ثم إن الأثر فيه علة أخرى وهي: أنه مرسل عن عبد الرحمن بن سابط هو تابعي ولم يسمع من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
(١) مرسل ضعيف. أخرجه عبد الرزاق (١٠٦٥٨)، وابن سعد في الطبقات (٨/ ٥٤) كلاهما من طريق معمر به، وهذا أثر أرسله معمر ولا يصح، ثم هو شاذ عن معمر لأنه رواه عن هشام موافقًا للجماعة من غير ذكرِ الهَمِّ بفراقها -رضي الله عنها-.
(٢) جوامع السيرة لابن حزم (١/ ٣٧).
(٣) سير أعلام النبلاء (٢/ ٢٦٦)، والوافي بالوفيات للصفدي (٥/ ١٧٦).
(٤) تهذيب الأسماء (٣/ ٢٤٤).
(٥) أخرجه البخاري في التاريخ الصغير (١/ ٤٩) (١٧٨)، وسعيد ابن أبي هلال صدوق ولكنه لم يدرك زمان عمر؛ فخبره منقطع أو مرسل لأنه ولد سنة سبعين على ما نقله الذهبي في السير (٦/ ٣٠٤) عن ابن يونس.
(٦) الطبقات الكبرى (٨/ ٥٧)، وسير أعلام النبلاء (٢/ ٢٦٧).