للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوضعت يدي على بصري ومشيت القهقرى، والتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "يا شيب، يا شيب، ادن مني، اللهم أذهب عنه الشيطان"، قال: فرفعت إليه بصري ولهو أحب إليَّ من سمعي وبصري، وقال: يا شيب، قاتل الكفار. (١)

[٨ - ليلة الهجرة]

ومن ذلك القصة المشهورة التي تؤذن بالكفاية التامة، وذلك أن مشركي قريش أجمعوا أمرهم ومكرهم على أن يقتلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو يحبسوه، أو يخرجوه، فأطلعه الله على ذلك فأنزل عليه: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: ٣٠].

فأمر عليًّا فنام على فراشه، وذهب هو وأبو بكر، فلما أصبحوا ذهبوا في طلبهما في كل وجه يطلبونهما. (٢)

[الوجه الرابع: معجزات النبي الأكرم - صلى الله عليه وسلم -]

ما من نبي أُرسل إلّا وأيده الله تعالى بالمعجزات؛ لتكون برهانًا واضحًا للناس في إثبات رسالته، وها هي بعض معجزات نبينا الأكرم - صلى الله عليه وسلم - إجمالًا ليهتدي من أراد طريق الحق.

[١ - معجزة القرآن]

أعطى الله - عز وجل - كل نبي من الأنبياء عليهم السلام معجزة خاصة به لم يُعْطها بعينها غيره، تحدى بها قومه، وكانت معجزةُ كل نبيّ تقع مناسبة لحال قومه وأهل زمانه، فلما كان الغالب على زمان موسى - عليه السلام - السحر وتعظيم السحرة، بعثه الله بمعجزة بهرت الأبصار، وحيرت كل سحَّار، فلما استيقنوا أنها من عند العزيز الجبَّار انقادوا للإسلام وصاروا من عباد الله الأبرار.

وأما عيسى - عليه السلام - فبعثه الله في زمن الأطباء وأصحاب علم الطبيعة، فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد إليه إلا أن يكون مؤيدًا من الذي شرع الشريعة، فمن أين


(١) دلائل النبوة للبيهقي ٢/ ٤٦٦.
(٢) انظر: السيرة النبوية لابن كثير ٢/ ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>