للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به فيسرعون بأيسر شيء، كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام، والمنام أدنى طرق الوحي (١).

[القسم الثالث: نسخ الحكم دون التلاوة.]

فيدل على وقوعه آيات كثيرة منها: أن آية تقديم الصدقة أمام مناجاة الرسول وهي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} منسوخة بقوله سبحانه {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٣)} [المجادلة: ١٣] على معنى أن حكم الآية الأولى منسوخ بحكم الآية الثانية مع أن تلاوة كلتيهما باقية.

قال الزركشي: وهنا سؤال وهو أن يسأل ما الحكمة في رفع الحكم وبقاء التلاوة؟

والجواب من وجهين:

أحدهما: أن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه والعمل به، فيتلى لكونه كلام الله تعالى فيثاب عليه فتركت التلاوة لهذه الحكمة.

وثانيهما: أن النسخ غالبًا يكون للتخفيف فأبقيت التلاوة تذكيرًا بالنعمة ورفع المشقة، وأما حكمة النسخ قبل العمل كالصدقة عند النجوى فيثاب على الإيمان به وعلى نية طاعة الأمر (٢).

قال الزرقاني: أما حكمة بقاء التلاوة مع نسخ الحكم فتسجل تلك الظاهرة الحكيمة ظاهرة سياسة الإسلام للناس حتى يشهدوا أنه هو الدين الحق، وأن نبيه نبي الصدق، وأن الله هو الحق المبين العليم الحكيم الرحمن الرحيم. يضاف إلى ذلك ما يكتسبونه من الثواب


(١) البرهان في علوم القرآن (٢/ ٣٧).
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>