الواجب أداؤه على المهب الكاثوليكي أمام القسيس في الكنيسة (أي الاعتراف بالذنوب طلبًا لغفرانها)، تذهب البنت أو الزوجة أو الأخت لأجل الاعتراف بين يدي القسيس يوم الأحد، فيكون مما تسأل عنه عقيدة أبيها أو زوجها أو أخيها وما يبدر من لسانه في بيته، وما يظهره في أعماله بين أهله. فإذا وجد القسيس متلقي الاعتراف شيئًا من الشبهة في طلب العلم غير المقدس على من سأل عنه رفع أمره إلى المحكمة، فينقض شهاب التهمة عليه. فإذا سئل عن الشاهد الذي عول عليه اتهامه لا يجاب، وإنما يقام التعذيب مقام شخص الشاهد وهو من أهله حتى يعترف.
أوقعت هذه المحكمة المقدسة من الرعب في قلوب أهل أوروبا ما خيل لكل من يلمع في ذهنه شيء من نور الفكر إذا نظر حوله أو التفت وراءه أن رسول الشؤم يتبعه، وأن السلاسل والأغلال أسبق إلى عنقه ويديه، ومن ورود الفكرة العلمية إليه، وقال با غلياديس ما كان يقوله جميع الناس لذلك العهد:(يقرب من المحال أن يكون الشخص مسيحيًا ويموت على فراشه).
حكمت هذه المحكمة من يوم نشأتها سنة ١٤٨١ إلى سنة ١٨٠٨ على ثلاثمائة وأربعين ألف نسمة منهم نحو مائتي ألف أحرقوا بالنار أحياء.
خامسًا: اضطهاد المسيحية للمسلمين واليهود والعلماء عامة
لما كان ابن رشد هو الينبوع الذي تفجر منه ماء العلم والحرية في أوربا على زعم القسوس، وكان ابن رشد أستاذًا يتعلم عنده كثير من اليهود، وقد اتهموا بنشر أفكاره وآرائه ثم هو مع ذلك مسلم، صب غضب الكنيسة على اليهود والمسلمين معًا فصدر الأمر في ٣٠ مارس (آذار) ١٤٩٢ أن كل يهودي لم يقبل المعمودية في أي سن كان وعلى أي حال كان، يجب أن يترك بلاد أسبانيا قبل شهر يولو (تموز) ومن رجع منهم إلى هذه البلاد عوقب بالقتل وأبيح لهم أن يبيعوا ما يملكون من عقار ومنقول بشرط أن لا يأخذوا في الثمن ذهبًا ولا فضة، وإنما يأخذون الأثمان عروضًا وحوالات ومن ذا الذي يشتري اليوم بثمن ما يأخذه بعد ثلاثة أشهر بلا ثمن؟ (يعني أن أموال اليهود تكون مباحة بعد