للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٨ - شبهة: يوسف - عليه السلام - يزكي نفسة.]

نص الشبهة:

يقولون أن الله قد نهى أن يزكِّي الإنسان نفسه، ولكن نبي الله يوسف - عليه السلام - قد زكَّى نفسه حينما قال للملك {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}.

والرد على ذلك من وجوه:

الوجه الأول: يوسف - عليه السلام - ما كان يقصد المدح لذاته، فما قال: إني حسيب جميل، وإنما قال: {حَفِيظٌ عَلِيمٌ}.

الوجه الثاني: الملك زكى يوسف - عليه السلام - قبل أن يزكي يوسف - عليه السلام - نفسه.

الوجه الثالث: يوسف - عليه السلام - وصف نفسه بهذا الوصف حتى يعلم الملك أنه يفي بهذه المهمة.

الوجه الرابع: الأصل في التزكية الامتناع، وإن كان لضرورة أو حاجة فهو مباح.

الوجه الخامس: أن هذا خاصٌ بالأنبياء لعصمتهم.

الوجه السادس: لأنه كان يعيش في مجتمع لا تنطبق عليه قاعدة عدم تزكية النفس.

وإليك التفصيل

الوجه الأول: يوسف - عليه السلام - ما كان يقصد المدح لذاته، فما قال: إني حسيب جميل، وإنما قال: {حَفِيظٌ عَلِيمٌ}.

لم يقل يوسف - عليه السلام -: إني حسيب كريم، وإن قال كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم"، ولا قال: إني جميل مليح، إنما قال: {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} فسألها بالحفظ والعلم، لا بالنسب والجمال، وأنه وصف نفسه بالأمانة والكفاءة

وهما مقصود الملوك ممن يولونه، إذ هما يعمان وجوه التثقيف والحياطة، ولا خلل معهما لقائل (١).

قال ابن عاشور: واقتراح يوسف - عليه السلام - ذلك إعداد لنفسه للقيام بمصالح الأمة على


(١) أحكام القرآن لابن العربي ٣/ ١٠٩٢، الكشاف للزمخشري ٢/ ٤٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>