يقولون أن الله قد نهى أن يزكِّي الإنسان نفسه، ولكن نبي الله يوسف - عليه السلام - قد زكَّى نفسه حينما قال للملك {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}.
والرد على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: يوسف - عليه السلام - ما كان يقصد المدح لذاته، فما قال: إني حسيب جميل، وإنما قال:{حَفِيظٌ عَلِيمٌ}.
الوجه الثاني: الملك زكى يوسف - عليه السلام - قبل أن يزكي يوسف - عليه السلام - نفسه.
الوجه الثالث: يوسف - عليه السلام - وصف نفسه بهذا الوصف حتى يعلم الملك أنه يفي بهذه المهمة.
الوجه الرابع: الأصل في التزكية الامتناع، وإن كان لضرورة أو حاجة فهو مباح.
الوجه الخامس: أن هذا خاصٌ بالأنبياء لعصمتهم.
الوجه السادس: لأنه كان يعيش في مجتمع لا تنطبق عليه قاعدة عدم تزكية النفس.
وإليك التفصيل
الوجه الأول: يوسف - عليه السلام - ما كان يقصد المدح لذاته، فما قال: إني حسيب جميل، وإنما قال:{حَفِيظٌ عَلِيمٌ}.
لم يقل يوسف - عليه السلام -: إني حسيب كريم، وإن قال كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم"، ولا قال: إني جميل مليح، إنما قال:{إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} فسألها بالحفظ والعلم، لا بالنسب والجمال، وأنه وصف نفسه بالأمانة والكفاءة
وهما مقصود الملوك ممن يولونه، إذ هما يعمان وجوه التثقيف والحياطة، ولا خلل معهما لقائل (١).
قال ابن عاشور: واقتراح يوسف - عليه السلام - ذلك إعداد لنفسه للقيام بمصالح الأمة على
(١) أحكام القرآن لابن العربي ٣/ ١٠٩٢، الكشاف للزمخشري ٢/ ٤٨٢.