للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وجائزٌ أن يكون التقدير: دعائمه عزيزة طويلة، كما قال الآخر:

قبحتم يا آل زيدٍ نفرا. . . . البيت

قال: يريد صغارًا وكبارًا.

وقال العكبري: وأما (أمْيَلُ) فهو أفعل بمعنى فاعل كما جاءَ أكبرُ بمعنى كبير وأَوْحَدُ بمعنى واحدٍ وليسَ المعنى أنّي أكثرُ مَيْلًا منكم (١).

فقد تستعمل للمنفرد بالفعل، كقول اللَّه تعالى: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي} (يونس: ٣٥)، وقال تعالى: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ} (الأنعام: ٨١) وقال لوط: {بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} (هود: ٧٨) أي من أدبار الرجال، ولا طهارة فيهم (٢).

وصيغة التفضيل قد ترد مرادًا بها مطلق الوصف، لا حصول التفضيل بين شيئين وصيغة التفضيل في الآيات المذكورة لمطلق الوصف لا للتفضيل، والآيات التي ذكر معلوم أنها لا يمكن أن تكون للتفضيل، لأن الأصنام لا نصيب لها من أحقِّيِّة الاتباع أصلًا في قوله: {أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي} (يونس: ٣٥) ولأن الكفار لا نصيب لهم في الأحقية بالأمن، ولأن أدبار الرجال لا نصيب لها في الطهارة (٣).

الوجه الرابع: الإسلام أصَّل قاعدة سد الذرائع الموصلة للزنا (٤).

وضع الإسلام وأصَّل قاعدة هامة وهي قاعدة سد الذرائع، فالقاعدة تبين أن أي شيء يؤدي إلى الحرام فهو حرام، وأن اللَّه إذا حرَّم شيء حرَّم أسبابه، وكما قال ابن القيم: فَإِذَا حَرَّمَ الرَّبُّ تَعَالَى شَيْئًا وَلَهُ طُرُقٌ وَوَسَائِلُ تُفْضِي إلَيْهِ فَإِنَّهُ يحرِّمُهَا وَيَمْنَعُ مِنْهَا، تَحْقِيقًا


(١) إعراب لامية العرب للعكبري ١/ ٥٨، البيت الأول: أَقِيْمُوا بني أُمي صُدُورَ مَطِيَكمْ فإني إلى قَوْمٍ سِوَاكُمْ لأَمْيَلُ.
(٢) المغني لابن قدامة ١٠/ ٢١٦.
(٣) أضواء البيان للشنقيطي ٦/ ١٠٩.
(٤) مقدمة حد الزنا، باب: (سد الذرائع الموصلة إلى الزنا).

<<  <  ج: ص:  >  >>