ولا يفسر هذه الإجابات الغريبة، بل وتلك الأسئلة الغريبة من أناس كانوا يرون المسيح في كل يوم، لا يفسره إلا أن نقول بأن المأخوذ هو غير المسيح، وإن أشبهه، وهذا الشبه حير رؤساء الكهنة في الحقيقة المأخوذ، فحاولوا استجلاء الحقيقة بسؤال المأخوذ، فلم ينكر ولم يثبت.
وأما يهوذا فقد عرف أن لا فائدة من إنكاره، إذ لن يصدقه أحد، ولربما ولفرط ندمه قد استمسلم لرداه، ورضي بعقوية الله له، أن يصلب عن المسيح، لعله بذلك أن يفديه، لذلك تكرر سكوته.
وهذا الموقف ليس بعيدًا عمن ذكرت الأناجيل أنه لفرط ندمه خنق نفسه، وانتحر.
لقد تحققت فيه نبوءات المزامير "٧ إِذَا حُوكِمَ فَلْيَخْرُجْ مُذْنِيًا، وَصَلَاتُهُ فَلْتَكُنْ خَطِيَّةً. ٨ لِتكُنْ أَيَّامُهُ قَلِيلَةً، وَوَظِيفَتُهُ لِيَأْخُذْهَا آخَرُ." (المزمور ١٠٩/ ٧ - ٨)، لقد أتى ليخطف المسيح، فلم يستطع .. "رَدَدْتُ الَّذِي لَمْ أَخْطَفْهُ" (المزمور ٦٩/ ٤).
وقد يشكل هنا أن متى ذكر في إنجيله أن يهوذا مات مخنوقًا (انظر متى ٢٧/ ٢ - ٥)، ويكفي في دفعه أن نتذكر ما ذكره سفر أعمال الرسل عن موته حين سقوطه وخروج أحشائه. (انظر أعمال ١/ ١٦ - ٢٠)، وسبب وقوع الإنجيليين في هذا التناقض اختفاء يهوذا، فاخترع كل من متى ولوقا نهاية ليهوذا تليق بجريمته، فهذا التناقض بين الروايتين الإنجيليتين، مشعر بوجود نهاية حقيقية، خفيت على الكاتبين، ودفعتهما لاختلاق روايتيهما.
[الباب الرابع: دعوى قيامة المسيح من أجل الخلاص والرد عليها.]
[الفصل الأول: أقوالهم في إثبات القيامة والرد عليها، وينقسم إلى]
[المبحث الأول: أقوالهم في إثبات القيامة]
يدعي النصارى أن المسيح - عَلَيْهِ السَّلَام - صلب ومات ثم بعد ذلك قام من القبر بعد ثلاثة أيام حيث ظهر لتلاميذه. وهاهي أقوالهم في ذلك: