للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شبهة: دور سلمان الفارسي لتكوين نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -.]

نص الشبهة:

سلمان عضو في التنظيم الذي يرأسه ورقة! !

والجواب من وجوه:

الوجه الأول: لقاء سلمان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن قط إلا بعد البعثة بثلاثة عشر عامًا وقت هجرته للمدينة (١).

فلا يُعقل أن يكون اشترك مع ورقة قبل بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - رسولًا.

عن ابن عباس قال: حدثني سلمان الفارسي قال: كنت رجلًا فارسيًا من أهل أصبهان؛ من أهل قرية منها يقال لها: جي، وكان أبي دهقانها. وكنت أحب خلق الله إليه، فلم يزل بي حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية، فاجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة. وكانت لأبي ضيعة عظيمة، فشغل في بنيان له يومًا، فقال لي: يا بني، إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي، فاذهب فاطلعها، وأمرني ببعض ما يريد، فخرجت، ثم قال: لا تحتبس علي، فإنك إن احتبست عليَّ كنت أهم إلي من ضيعتي، وشغلتني عن كل شيء من أمري. فخرجت أريد ضيعته، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس بحبس أبي إياي في بيته، فلما مررت بهم، وسمعت أصواتهم، دخلت إليهم أنظر ما يصنعون، فلما رأيتهم أعجبتني صلواتهم، ورغبت في أمرهم، وقلت: هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه، فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس، وتركت ضيعة أبي ولم آتها، فقلت لهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام. قال: ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله، فلما جئته قال: أي بني، أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قلت: يا أبة، مررت بناس يصلون في كنيسة لهم، فأعجبني ما رأيت من دينهم، فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس، قال: أي بني، ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه، قلت: كلا، والله


(١) نقض الاشتباه بتعلم الرسول من ورقة بن نوفل ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>