للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن له أثر كبير في الدعوة الإسلامية مثل أثر أبي بكر وغيره من الصحابة.

فالسؤال: لماذا لم يشارك ورقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعوة بقوة كما صنع أبو بكر، فلم يسلم أحد على يد ورقة، بينما كل من أسلم كان له دور في دعوة غيره للإسلام؟ .

وادعاء أن ورقة كان دوره هو تثبيتهم على الدين لا يحقق وجه مقارنة بين اهتمام ورقة قبل البعثة وبعدها.

قَالَ ابْنَ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ يَمُرّ بِهِ وَهُوَ يُعَذّبُ بِذَلِكَ وَهُوَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ، فَيَقُولُ: أَحَدٌ أَحَد وَالله يَا بِلَالُ، ثُمّ يُقْبِلُ عَلَى أُمَيّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَمَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ بِهِ مِنْ بَنِي جُمَحَ فَيَقُولُ: أَحْلِفُ بِالله لَئِنْ قتَلْتُمُوهُ عَلَى هَذَا لَأَتّخِذَنهُ حَنَانًا *، حَتّى مَرّ بِهِ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ - رضي الله عنه - يَوْمًا وَهُمْ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ بِهِ وَكَانَتْ دَارُ أَبِي بَكْرٍ فِي بَنِي جُمَحَ، فَقَالَ لِأُمَيّةِ بْنِ خَلَفٍ: أَلَا تَتّقِي الله فِي هَذَا الْمِسْكِينِ؟ حَتّى مَتَى؟ قَالَ أَنْتَ الّذِي أَفْسَدْته، فَأَنَقِذْهُ مِمّا تَرَى، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَفْعَلُ؛ عِنْدِي غُلَامٌ أَسْوَدُ أَجْلَدُ مِنْهُ وَأَقْوَى عَلَى دِينِك، أُعْطِيكَهُ بِهِ، قَالَ: قَدْ قَبِلْت، فَقَالَ: هُوَ لَك، فَأَعْطَاهُ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ - رضي الله عنه - غُلَامَهُ ذَلِكَ وَأَخَذَهُ فَأَعْتَقَهُ (١).

وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان ورقة بن نوفل يمر ببلال، وهو يعذب على الإسلام، وهو يقول: أحد أحد، فيقول ورقة: أحد أحد؛ والله يا بلال. وبإسناده عن عروة: أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أعتق ممن كان يعذب في الله سبعة فذكرهم وذكره، ثم ذكر منهم الزنيرة، قال: فذهب بصرها وكانت ممن يعذب في الله على الإسلام، فتأبى إلا الإسلام، وقال المشركون: ما أصاب بصرها إلا اللات والعزى، فقالت: كلا والله ما هو كذلك، فَرَدَّ الله عليها بصرها (٢).


* الحَنانُ: الرحمةُ والعطفُ، والحَنَانُ الرِّزْقُ والبركةُ، أَراد لأَجْعَلَنَّ قَبْرَه موضعَ حَنانٍ أَي: مَظِنَّةً منْ رحمة الله تعالى فأَتَمَسَّحُ به متبرّكًا كما يُتمسَّح بقبور الصالحين الذين قُتلوا في سبيل الله من الأُمَمِ الماضية فيرجع ذلك عارًا عليكم وسُبَّةً عند الناس؛ لسان العرب (حنن).
(١) الروض الأنف ٢/ ٨٣.
(٢) شعب الإيمان للبيهقي ٤/ ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>