للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك لا يعزى إلى الله ولا إلى رسوله فيما يخبر به عن ربه في دينه، وأما الأمر والنهي فجائز عليهما النسخ للتخفيف ولما شاء الله من مصالح عباده وذلك من حكمته لا إله إلا هو.

وقال أيضًا: والنسخ لا يجوز إلا فيما يصح وقوعه على وجهين كالصوم والصلاة وغيرهما من العبادات الشرعية، فأما ما لا يجوز أن يكون إلا على وجه واحد مثل التوحيد وصفات الله تعالى الذاتية كعلمه وقدرته وما عدا ذلك من صفاته فلا يصح فيه النسخ، وكذلك ما أخبر الله تعالى عنه من أخبار القرون الماضية والأمم السالفة فلا يجوز فيها النسخ، وهكذا ما أخبر عن وقوعه في المستقبل كخروج الدجال ويأجوج ومأجوج وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم - عليه السلام - إلى الأرض ونحو ذلك فإن النسخ فيه لا يجوز (١).

ومن قال بأن النسخ يدخل في الأخبار فيقصد الخبر الذي يراد به الأمر والنهي.

قال ابن الجوزي: فأما الأخبار فهي على ضربين:

الأول: ما كان لفظه لفظ الخبر ومعناه معنى الأمر كقوله تعالى {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩)} [الواقعة: ٧٩]، فهذا لا حق بخطاب التكليف في جواز النسخ عليه.

والثاني: الخبر الخالص فلا يجوز علي؛ لأنه يؤدي إلى الكذب وذلك محال وقد حكى جواز ذلك عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم والسدي وليس شيء يعول عليه. وقال أبو جعفر النحاس: وهذا القول عظيم جدًا يؤول إلى الكفر؛ لأن قائلًا لو قال: قام فلان ثم قال: لم يقم، فقال: نسخته لكان كاذبًا. وقال ابن عقيل: الأخبار لا يدخلها النسخ؛ لأن نسخ الأخبار كذب وحوشى القرآن من ذلك (٢).

[المبحث الثامن: أقسام (أنواع) النسخ في القرآن.]

النسخ الواقع في القرآن يتنوع إلى أنواعٍ ثلاثة:


(١) التمهيد (٣/ ٢١٥)، الفقيه والمتفقه (١/ ٢٥٥).
(٢) نواسخ القرآن لابن الجوزي (٩٣)، وانظر الناسخ والمنسوخ للنحاس (١/ ٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>