للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السؤال الثاني وملخصه: أن الكتمان قبل إنطاق الجوارح وعدمه بعده قوله: (فعند ذلك) أي: عند نطق أيديهم، قوله: (وعنده يود الذين كفروا) أي: وعند علمهم أن اللَّه لا يكتم حديثًا {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} هذا في سورة النساء وهو قوله: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (٤٢)} (النساء: ٢٤) أي: يوم القيامة {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ} أي: لو تسوت بهم الأرض وصاروا هم والأرض شيئًا واحدًا أو أنهم لم يكتموا أمر محمد ولا نعته؛ لأن ما عملوه لا يخفى على اللَّه تعالى فلا يقدرون كتمانه؛ لأن جوارحهم تشهد عليهم (١).

رابعًا: الكافر يريد أن يخدع اللَّه فيعامل بنيته.

عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قالوا: يا رسول اللَّه، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: "هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة؟ " قالوا: لا. قال: "فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة؟ " قالوا: لا. قال: "فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، قال: فيلقى العبد فيقول: أي فل، ألم أكرمك، وأسودك، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى. قال: فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا. فيقول: فإني أنساك كما نسيتني. ثم يلقى الثاني فيقول: أي فل، ألم أكرمك، وأسودك، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى، أي رب. فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا. فيقول: فإني أنساك كما نسيتني. ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك. فيقول: يا رب، آمنت بك، وبكتابك، وبرسلك، وصليت، وصمت، وتصدقت، ويثني بخير ما استطاع. فيقول: ههنا إذا قال، ثم يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك، ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد علي؟ فيختم على فيه، ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي، فتنطق فخذه ولحمه


(١) عمدة القاري ١٩/ ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>