مكان لآخر كما قال زيد: فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ الله ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ - رضي الله عنه -. إلى أن جمعه عثمان حين قدم حذيفة بن اليمان عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِى أَهْلَ الشَّأْمِ في فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ في الْقِرَاءَةِ؛ فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا في الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلى إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ. فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ الله بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا في الْمَصَاحِفِ (١).
الشبهة الخامسة: شبهة لو أن لابن آدم واديًا.
نص الشبهة
يقولون بعدم حفظ القرآن؛ والدليل على ذلك اعتراف الصحابة بأنهم كانوا يحفظون أَيات ولا توجد الآن في المصحف، ومثال لذلك قول أبي موسى الأشعري: وَإِنَّا كُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً كُنَّا نُشَبِّهُهَا في الطُّولِ وَالشِّدَّةِ بِبَرَاءَةَ فَأُنْسِيتُهَا غَيْرَ أَنِّى قَدْ حَفِظْتُ مِنْهَا (لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا وَلَا يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ). ومن ثم فأين هي الآن؟ ولذلك اختلف الصحابة هل هي من القرآن أم من الحديث النبوي أو القدسي؟
والجواب عن هذه الشبهة من هذه الوجوه:
الوجه الأول: اختلاف أهل العلم في قوله: (لو أن لابن آدم) هل هو حديث نبوي، أو حديث قدسي، أو قرآن منسوخ التلاوة؟ .
الوجه الثاني: مع كونه قرآنًا فهذا مما نسخ تلاوته وبقي حكمه.
وإليك التفصيل
[الوجه الأول: اختلاف أهل العلم في قوله: (لو أن لابن آدم) هل هو حديث نبوي، أو حديث قدسي، أو قرآن منسوخ التلاوة؟]