للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا على (انقطاع طارئ)، قد ذكرنا قبل أنها كسائر الأفعال يدل لفظ الماضي منها على الانقطاع، ثم قد تستعمل حيث لا انقطاع، وفرق بين الدلالة والاستعمال، ألا ترى أنك تقول هذا اللفظ يدل على العموم، ثم تستعمل حيث لا يراد العموم، بل المراد الخصوص. (١)

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء: ١). نبه به على أن (كان) قد استعملت هنا في الدوام لقيام الدليل القاطع على ذلك. (٢)

المعنى: أنه لا يراد بكان تقييد الخبر بالمخبر عنه في الزمان الماضي المنقطع في حق اللَّه تعالى، وإن موضوع كان ذلك، بل المعنى على الديمومة فهو تعالى رقيب في الماضي وغيره علينا. (٣)

[الوجه الرابع]

ليس المراد بذلك أن اللَّه سبحانه كان متصفًا بالمغفرة، والرحمة، والعلم، والسمع، والبصر في زمن مضي، ثم زالت عنه هذه الصفات في الزمن الحاضر ولا يتصف بها في المستقبل، ذلك لأن تقسيم الزمن إلى ماضٍ وحاضر ومستقبل هو بالنسبة لنا نحن حين نتحدث ونحدد ما يقع من أحداث قبل زمن الحديث عنها أو في أثناء الحديث أو بعده، أما اللَّه -سبحانه وتعالى- فهو منزه عن الزمان، وما كان مخلوقًا لا يتحكم فيمن خلقه.

وكأن اللَّه سبحانه وتعالى حين يقرن صفاته بلفظ "كان" يبين لنا أنه موصوف بذلك قبل أن يخبرنا، فهي صفات أصلية فيه وجبت له لذاته لا لعلة أوجدتها فيه، فقد كان بصفاته ولا شيء معه. (٤)

* * *


(١) تفسير اللباب لابن عادل ٤/ ٢٧١ بتصرف.
(٢) الفتوحات الإلهية للجمل ١/ ٣٥٢
(٣) البحر المحيط لأبي حيان ٣/ ١٦٧.
(٤) فتاوى الشيخ عطية صقر رحمه اللَّه ١/ ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>