للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير: وقوله: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} أي: وإنه لحب الخير - وهو: المال - لشديد. وفيه مذهبان: أحدهما: أن المعنى: وإنه لشديد المحبة للمال.

والثاني: وإنه لحريص بخيل؛ من محبة المال. وكلاهما صحيح (١).

عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ" (٢).

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌّ عَلَى حُبِّ اثْنَتَيْنِ طُولُ الْحَيَاةِ وَحُبُّ الْمَالِ" (٣).

قلنا: فدلت هذه الأدلة - وغيرها كثير - على أن الآية مما نسخ تلاوته وبقي حكمه. وهذا خلاف ممن قال بنسخ التلاوة والحكم. (٤)

[الشبهة السادسة: محو ابن مسعود المعوذتين، والفاتحة من المصحف.]

نص الشبهة:

يقولون كان عبد الله بن مسعود يحك المعوذتين من مصاحفه، ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى. ويزعمون بذلك القدح في المصاحف والتواتر.

والرد على هذه الشبهة من وجوه:

الوجه الأول: ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهما من القرآن الذي نزل عليه، وكان يقرأ بهما في الصلاة.

الوجه الثاني: أن الصحابة - رضي الله عنهم - لم يقروا ابن مسعود - رضي الله عنه - على قوله هذا ومنهم أبي بن كعب - رضي الله عنه -.

الوجه الثالث: أن تلاميذ ابن مسعود - رضي الله عنه - وبالأخص الأسود بن يزيد لم يوافقوه على رأيه هذا.

الوجه الرابع: صحة ما أثر عن ابن مسعود، وتأويل مراده بذلك على أمور:


(١) تفسير ابن كثير ١٤/ ٤٣٧.
(٢) البخاري (٦٤٢١)، مسلم (١٠٤٧).
(٣) البخاري (٦٤٢٠)، مسلم (١٠٤٦).
(٤) وممن قال بنسخ التلاوة والحكم؛ الطحاوي مشكل الآثار ٢/ ٤١٧، البيهقي في الدلائل إثر حديث (٣٠٨٤)، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ١/ ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>