للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخص الكيا الهراسي الآية بالبغايا فقال: فأقوى التأويلات أن الآية نزلت في بغايا الجاهلية، والمسلم ممنوعٌ من التزوج بهن، فإذا تُبنَ وأسلمن صح النكاح، وإذا ثبت ذلك، فلا يجب كونه منسوخًا. (١)

وقد رجح النووي قول إمامه الشافعي أن الآية منسوخة وأن من زنى بامرأة لم يحرم عليه نكاحها لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}، وجمع بين الأحاديث المانعة والمبيحة قائلًا: ويمكن الجمع بين الأحاديث بأن المنع لمن كانت مستمرة في مزاولة البغاء أي والإباحة لمن تابت مبينًا أن المرأة غير العفيفة يستحب طلاقها مستدلًا بقول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- للرجل: "طلقها". (٢)

[ومجمل القول]

* أن الزاني لا يزني إلا بزانيةٍ أو مشركةٍ -أي لا يطاوعه إلا هذان الصنفان-، والزانية لا يزني بها إلا زانٍ أو مشركٌ (أي أن الآية على معنى الخبر).

* أو أن الزاني لا يليق به أن يتزوج إلا زانيةً مثله أو مشركةً، والزانية لا يليق بها أن تتزوج إلا بزانٍ مثلها أو مشركٍ -وهذا على سبيل الزجر والتقبيح، ولا يفهم منه جواز نكاح مسلمٍ أيًّا كان حاله بمشركةٍ، أو مسلمةٍ أَيًّا كان حالها بمشركٍ-.

* أو أَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ فِي الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيةً مَحْدُودَةً، وَلَا يَنْكِحُ الزَّانِيَةَ المَحْدُودَةَ إلَّا زَانٍ. أو كانت على معنى التحريم -تحريم الزواج- ولم تنسخ.

* أو أَنَّهُ عَامٌّ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ الزَّانِيَةِ عَلَى الْعَفِيفِ، وَالْعَفِيفِ عَلَى الزَّانِيَةِ.

* أن الآية منسوخةٌ بقول اللَّه تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} (النور: ٣٢)، فدخلت الزانية في أيامى المسلمين، وبقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} الآية (النساء: ٣).


(١) أحكام القرآن للكيا الهراسي (٤/ ٢١).
(٢) المجموع شرح المهذب (١٦/ ٢٢٠ - و ١٧/ ٦٩) بتصرف، وانظر الحاوي الكبير للماوردي (١١/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>