للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويريد بقوله: {لَا يَنْكِحُ} أي لا يطأ؛ فيكون النكاح بمعنى الجماع. فالمعنى: الزاني لا يطأ في وقت زناه إلا زانية من المسلمين، أو من هي أخس منها من المشركات. وقد روي عن ابن عباس وأصحابه أن النكاح في هذه الآية الوطء. وأنكر ذلك الزجاج وقال: لا يعرف النكاح في كتاب اللَّه تعالى إلا بمعنى التزويج. وليس كما قال، وفي القرآن: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (البقرة: ٢٣٠) وقد بينه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه بمعنى الوطء، . . . فهذا قول.

أو: أنها نزلت في شأن بغي يقال لها عناق، وكانت صديقة مرثد، قال الخطابي: هذا خاص بهذه المرأة إذ كانت كافرة، فأما الزانية المسلمة فإن العقد عليها لا يفسخ.

أو: أنها مخصوصةٌ في رجلٍ من المسلمين أيضًا استأذن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في نكاح امرأةٍ يقال لها أم مهزول. . . ثم قال: في هذه الآية دليل على أن التزوج بالزانية صحيح. وإذا زنت زوجة الرجل لم يفسد النكاح وإذا زنى الزوج لم يفسد نكاحه مع زوجته، وهذا على أن الآية منسوخة. وقيل إنها محكمة. . .

ثم ذكر قول ابن خويز منداد: من كان معروفًا بالزنا أو بغيره من الفسوق معلنًا به فتزوج إلى أهل بيت ستر وغرهم من نفسه فلهم الخيار في البقاء معه أو فراقه، وذلك كعيب من العيوب؛ فأما من لم يشتهر بالفسق فلا.

ثم قال: قال قوم من المتقدمين: الآية محكمة غير منسوخة، وعند هؤلاء: من زنى فسد النكاح بينه وبين زوجته، وإذا زنت الزوجة فسد النكاح بينها وبين زوجها. وقال قوم من هؤلاء: لا ينفسخ النكاح بذلك، ولكن يؤمر الرجل بطلاقها إذا زنت، ولو أمسكها أثم، ولا يجوز التزوج بالزانية ولا من الزاني، بل لو ظهرت التوبة فحينئذ يجوز النكاح. (١)


(١) انظر تفسير القرطبي بتصرف (١٢/ ١٦٧ - ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>