للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُجْتَبَى مِنْ آخِرِ الحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ: لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَطْلِيقُ الْفَاجِرَةِ وَلَا عَلَيْهَا تَسْرِيحُ الْفَاجِرِ إلَّا إذَا خَافَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّه فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَفَرَّقَا. (١)

وفي فتاوى ابن عليش: وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَيِّنَةٍ فِي نَفْسِهَا اسْتُحِبَّ لَهُ فِرَاقُهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ إلَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهَا نَفْسُهُ لِحَدِيثِ: (إنَّ زَوْجَتِي لَا تَرُدَّ يَدَ لَامِسٍ)، وَلَا يَأْمَنُ أَنْ تُلْحِقَ بِهِ وَلَدَ غَيْرِهِ. ونقل عن الأصمعي قوله في تأويل الحديث: إنَّمَا كَنَّى عَنْ بَذْلِهَا الطَّعَامَ، وَمَا يُدْخِلْهُ عَلَيْهَا لَا غَيْرُ. (٢)

وقال الإمام الشَّافِعِيُّ: فَالِاخْتِيَارُ لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَنْكِحَ زَانِيَةً وَللْمَرْأَةِ أَنْ لَا تَنْكِحَ زَانِيًا، فَإِنْ فَعَلَا فَلَيْسَ ذلك بِحَرَامٍ على وَاحِدٍ مِنْهُما لَيْسَتْ مَعْصِيَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا في نَفْسِهِ تُحَرِّمُ عليه الحَلَالَ إذَا أَتَاهُ، قال: وَكَذَلِكَ لو نَكَحَ امْرَأَةً لم يَعْلَمْ أنها زَنَتْ فَعَلِمَ قبل دُخُولِهَا عليه أنها زَنَتْ قبل نِكَاحِهِ أو بَعْدَهُ لم تَحْرُمْ عليه، ولم يَكُنْ له أَخْذُ صَدَاقِهِ منها وَلَا فَسْخُ نِكَاحِهَا، وكان له إنْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُطَلِّقَ، وَكَذَلِكَ إنْ كان هو الذي وَجَدَتْهُ قد زَنَى قبل أَنْ يَنْكِحَهَا أو بعد ما نَكَحَهَا قبل الدُّخُولِ أو بَعْدَهُ فَلَا خِيَارَ لها في فِرَاقِهِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ بِحَالِهَا وَلَا تَحْرُمُ عليه، وَسَوَاءٌ حُدَّ الزَّانِي مِنْهُمَا أو لم يُحَدَّ، أو قَامَتْ عليه بَيِّنَةٌ أو اعْتَرَفَ لَا يحرِّمُ زِنَا وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا زِنَاهُمَا، وَلَا مَعْصِيَةٌ من الْمَعَاصِي الحَلَالَ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ دِينَاهُمَا بِشِرْكٍ وَإِيمَانٍ. . .

وقال أيضًا: أخبرنا سُفْيَانُ عن يحيى بن سَعِيدٍ عن سَعِيدِ بن المُسَيِّبِ أَنَّهُ قال: هِيَ مَنْسُوخَةٌ نَسَخَتْهَا {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} فَهِيَ من أَيَامَى المُسْلِمِينَ؛ فَهَذَا كما قال ابن المُسَيِّبِ إنْ شَاءَ اللَّه (يعني أنها منسوخة)، وَعَلَيْهِ دَلَائِلُ من الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. (٣)

واستطرد القرطبي في معنى الآية، وأن مقصد الآية تشنيع الزنا، وتبشيع أمره، وأنه محرمٌ على المؤمنين.


(١) البحر الرائق (٨/ ٧١).
(٢) فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (٣/ ١١٩ - ١٢٠).
(٣) الأم (٥/ ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>