نقول له: إنك أخطأت في فهم الحقيقة القرآنية، وإن الدليل الذي أتيت به لا يخدم ما تدعيه؛ بل هو ضد ما تدعيه، فالأرض إن كانت مبسوطة لا تخرج عن أشياء: إما مربعة، وإما مثلثة، وإما مستطيلة، وإما متوازية، وإما شبه منحرف، أو شكل مختلف الأضلاع، وباختصار أترك لك أن تتصور أي وضع للأرض غير وضع الكرة أو شكل الكرة.
٢ - {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} أي: وهي كرة، إذا ما دامت الأرض مسطحة فلابد أن يكون لها حيز، فإذا جئت في آخر السطح لابد أن تصل إلى حافة، ولكن اللَّه سبحانه وتعالى يقول:{وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} ومعنى مددناها: أنك أينما ذهبت فوق سطح الكرة الأرضية تراها ممدودة أمامك؛ أي: منبسطة أمامك، فإذا ذهبت إلى القطب الشمالي رأيت الأرض منبسطة، وإذا أسرعت إلى القطب الجنوبي رأيت الأرض منبسطة، وإذا ذهبت إلى خط الاستواء وجدت الأرض أمامك منبسطة؛ في أي مكان نذهب إليه نرى الأرض منبسطة، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا كانت الأرض كروية، إذًا فقول اللَّه سبحانه وتعالى:{وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} دليل على كروية الأرض.
٣ - ولكن إنسانًا أخطأ وفسر ذلك اللفظ على أنه دليل على أن الأرض مبسوطة، وخرج من ذلك بأن هذه حقيقة قرآنية وهي ليست حقيقة قرآنية، فإذا ثبت أن الأرض كروية بدأ تعارض وهمي بين حقيقة كونية وحقيقة قرآنية، وهنا يبرز دور الجهل في محاولة النيل من كتاب اللَّه، ولو تعمق بعض الناص قليلًا لعرفوا أن كروية الأرض ودوران الأرض موجودان في القرآن (١).
ثالثًا: وكذلك الآية تفيد أن اللَّه جعل الأرض مختصة بمقدار معيَّن لا يزيدُ ولا ينقص.
قال ابن الخطيب: هذه الآية إنَّما ذكرت ليستدل على وجود الصَّانع؛ والشروط فيه أن يكون ذلك أمرًا مشاهدًا معلومًا حتى يصح الاستدلال به على وجود الصانع؛ لأن الشيء إذا