للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْخَمْسُ الَّتِي فِي الْمَقْذُوفِ فَهِيَ: الْعَقْلُ، وَالْبُلُوغُ، وَالْإِسْلَامُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالْعِفَّةُ عَنْ الْفَاحِشَةِ الَّتِي رُمِيَ بِهَا كَانَ عَفِيفًا عَنْ غَيْرِهَا أَوْ لَا.

فَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ فِي الْقَاذِفِ؛ فَلأَنَّهُمَا أَصْلَا التَّكْلِيفِ؛ إذْ التَّكْلِيفُ سَاقِطٌ دُونَهُمَا، وَإِنَّمَا شَرَطْنَاهُمَا فِي الْمَقْذُوفِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا فِي مَعَانِي الْإِحْصَانِ لِأَجْلِ أَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا وُضِعَ لِلزَّجْرِ عَنْ الْإِذَايَةِ بِالْمَعَرَّةِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمَقْذُوفِ، وَلَا مَعَرَّةَ عَلَى مَنْ عَدِمَ الْعَقْلَ وَالْبُلُوغَ؛ إذْ لَا يُوصَفُ الْوَطْءُ فِيهِمَا وَلَا مِنْهُمَا بِأَنَّهُ زِنًا.

وَأَمَّا شُرُوطُ الْإِسْلَامِ فِيهِ؛ فَلأَنَّهُ مِنْ مَعَانِي الْإِحْصَانِ وَأَشْرَفِهَا، كَمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ، وَلِأَنَّ عِرْضَ الْكَافِرَ لَا حُرْمَةَ لَهُ يَهْتِكُهَا الْقَذْفُ، كَالْفَاسِقِ المُعْلِنِ لَا حُرْمَةَ لِعِرْضِهِ؛ بَلْ هُوَ أَوْلَى لِزِيَادَةِ الْكُفْرِ عَلَى المُعْلِنِ بِالْفِسْقِ.

وَأَمَّا شَرَفُ الْعِفَّةِ؛ فَلأَنَّ الْمَعَرَّةَ لَاحِقَةٌ بِهِ، وَالْحُرْمَةُ ذَاهِبَةٌ، وَهِيَ مُرَادَةٌ هَاهُنَا إجْمَاعًا وَأَمَّا الحُرِّيَّةُ فَإِنَّمَا شَرَطْنَاهَا لِأَجْلِ نُقْصَانِ عِرْضِ الْعَبْدِ عَنْ عِرْضِ الْحُرِّ، بِدَلِيلِ نُقْصَانِ حُرْمَةِ دَمِهِ عَنْ دَمِه (١).

رابعًا [*]: بم يثبت حد القذف.

اتفق العلماء على أنه يثبت بالإقرار وشهادة عدليين (٢).

فيثبت حد القذف بأمرين، أو بأحدهما:

الأمر الأول: إقرار القاذف على نفسه.

والأمر الثاني: شهادة الشهود على أن القاذف قد قذف فلانًا من الناس.

خامسًا: حد القذف حماية للأعراض.

وفيه غاية الزجر عن الوقوع في أعراض الناس بالقذف، قال اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (النور: ٤)، شرع حد القذف حماية للأعراض؛ وهذا الذي قذف محصنًا وعابه وألحق به عارًا، أو ألحق به عيبًا لا شك أنه قد


(١) انظر: أحكام القرآن لابن العربي سورة النور: ٤، وكذلك تفسير القرطبي نفس الآية.
(٢) انظر بداية المجتهد ٢/ ٤٤٥، انظر فتح القدير لابن الهمام (كتاب الحدود/ التعزير).

[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا بالمطبوع، والجادة «ثالثا»

<<  <  ج: ص:  >  >>