أثاروا شبهة حول مريم بنت عمران عندما نفخ في فرجها، واعتبروا هذا منقصة في حق الله تعالى. فقالوا: الله ينفخ في الفروج (تعالى الله عما تقولون)، {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (١٢)} [التحريم: ١٢].
والجواب عن ذلك من وجوه:
[الوجه الأول: تفسير الآية.]
الوجه الثاني: تكريم الله لمريم بنت عمران.
الوجه الثالث: هل الروح صفة لله أو مخلوقة؟
الوجه الرابع: ماذا في كتبهم؟
وإليك التفصيل
[الوجه الأول: تفسير الآية.]
قبل الشروع في الرد على الشبهة نورد ما ذكره أهل التفسير في الآية:
قال ابن كثير: وقوله: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} أي حفظته وصانته.
والإحصان: هو العفاف والحرية، {فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} أي: بواسطة المَلَك، وهو جبريل، فإن الله بعثه إليها فتمثل لها في صورة بشرٍ سَوي، وأمره الله تعالى أن ينفخ بفيه في جيب درعها، فنزلت النفخة فولجت في فرجها، فكان منه الحمل بعيسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ولهذا قال:{فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} أي: بقدره وشرعه {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}(١).
ومن هنا يتضح أن الذي تولى النفخ هو جبريل بأمر الله تعالى، وليس الله -عَزَّ وَجَلَّ- مباشرة كما زعم المعترضون. وأن الذي نُفخ فيه هو جيب درعها، وليس فرجها بالمعنى الغالب