للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد خص الله تعالى محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بخصائص ميزه الله بها على جميع الأنبياء والمرسلين وجعل له شِرْعةً ومنهاجًا أفضل شرعة وأكمل منهاج مبين (١).

[المطلب الثالث: التوحيد وأقسامه.]

التوحيد أول دعوة الرسل، وأول منازل الطريق، وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله.

قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَال يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (الأعراف: ٥٩). وقال هود - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (الأعراف: ٦٥). وقال صالح - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (الأعراف: ٧٣). وقال شعيب - عَلِيْهِ السَّلَام - لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (الأعراف: ٨٥). وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل: ٣٦). وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٥]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرْتُ أَنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَأَنَّ مُحَمَّدا رَسُولُ الله" (٢). ولهذا كان الصحيح أن أول واجب يجب على المكلف شهادة أن لا إله إلا الله (٣).

فالتوحيد أول ما يدخل في الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا الله دَخَلَ الجنّةَ (٤). فالتوحيد أول الأمر وآخره.

والتوحيد لا يخرج عن أقسام ثلاثة هي محصل ما ورد في الكتاب والسنة.

أحدها: توحيد الربوبية، وبيان أن الله وحده خالق كل شيء.

والثاني: توحيد الإلهية، وهو استحقاقه سبحانه وتعالى أن يعبد وحده لا شريك له.


= وشرح العقيدة الطحاوية (١/ ١٢١).
(١) راجع: الجواب الصحيح (١/ ٥)، وتفسير المنار (٦/ ٤١٨).
(٢) البخاري (٢٥)، مسلم (٢٢).
(٣) شرح العقيدة الطحاوية ص ١٦.
(٤) أخرجه أبو داود (٣١٠٧)، والحاكم في المستدرك (١/ ٣٥١)، وحسنه الألباني في الإرواء (٦٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>