للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التصديق بها والتحاكم إليها إلا من فقد عقله، وطمست بصيرته، ومسخت فطرته، وارتضى لنفسه طريق العناد والاستكبار (١).

لذا فإن الإسلام دين كل الأنبياء؛ فالإسلام ليس اسمًا لدين خاص؛ وإنما هو اسم للدين المشترك الذي هتف به كل الأنبياء، قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩].

فدين الله الذي بعث به أنبياءه من أولهم إلى آخرهم دين واحد هو دين الإسلام.

فلا يجوز التفريق بين رسل الله قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٥١) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ١٥٠ - ١٥٢] فهذا نوح عليه السلام يقول: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: ٧٢]. وهذا إبراهيم: {إِذْ قَال لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَال أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالمِينَ} [البقرة: ١٣١]. وهذا يعقوب يوصي بنيه فيقول: {يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَال لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: ١٣٢، ١٣٣]. ويوسف - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يقول: {أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: ١٠١].

وعن الحواريين أصحاب عيسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قالوا: {آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} [المائدة: ١١١].

وقال محمد - صلى الله عليه وسلم -: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} [الزمر: ١٢] (الزمر: ١٢). فالإسلام هو ما بعث الله به جميع الأنبياء والمرسلين من لدن نوح إلى محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين (٢).


(١) راجع: الفصل لابن حزم (١/ ٤٣)، وتفسير ابن عاشور (٢١/ ٨٧)، وشرح العقيدة الطحاوية (١/ ٣٤).
(٢) راجع: فتاوى ابن تيمية (١٩/ ٩٥)، وتفسير القرطبي (١٥/ ٢٣٢)، وتفسير ابن عاشور (٦/ ٩). =

<<  <  ج: ص:  >  >>