للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّها الطريقة الوحيدة لإظهار محبة الله للإنسان؟ وهل هذا إله محب كما يسميه يوحنا؟ (يوحنا ٤/ ١٦)، وهل كل هذه الأشياء التي صدرت منه ضد الإنسان تحملنا على حبنا له، ولا طريقة تحملنا على حبه غيرها؟ إن هذا لشيء عجيب (١).

[الوجه الخامس: أليس حال المسيح عند الصلب ينفي أنه رضي بالصلب المزعوم؟]

يدَّعي النصارى أن صلب المسيح وقتله كان لتحقيق العدل والرحمة، وأي عدل وأي رحمة في تعذيب شخص غير مذنب وصلبه، فإن قالوا إنه قبل ذلك تجد ما ورد بأسفارهم عكس هذا القول، فقد جاء في إنجيل (متى ٢٧/ ٤٦): (وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلًا: "إِيلي، إِيلي، لِما شَبَقْتَنِي؟ " أَيْ: إِلهِي، إِلِهي، لمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ )، كما ورد في إنجيل (مرقص ١٥/ ٣٤).

وإذا كان المسيح ابن الله - كما يزعمون - فأين كانت عاطفة الأبوة وأين الرحمة حينما كان هذا الابن الوحيد يلاقي دون ذنب ألوان التعذيب والسخرية؟ ويرى المسلمون في هذا الفكر النصراني انحرافًا وتجافيًا عن المعقول والمنقول، فإن فيه إساءة الأدب مع الله وكفرًا به كان ينبغي أن ينزهه النصارى عنه، إذ كيف يُقبل عقلًا ودينًا القول بتناقض العدل الإلهي مع الرحمة الإلهية قرونًا متطاولة من غير أن يهتدي الرب - تعالى عن ذلك - إلى سبيل التوفيق بين صفاته المتناقض، وأخيرًا جاء الحل الدموي بصلب المسيح البريء رحمةً من رب العالمين؟ (٢).

ويشبه النصارى إلههم وقتذاك بصورة مستقذرة، بصورة المرابي وهو يريد عوضًا على كل شيء، ونسي هؤلاء أن الله حين يعاقب لا يعاقب للمعاوضة أو لإرضاء نفسه أو للانتقام، بل لكبح الشر وتطهير النفس من درن الذَّنْبَ (٣).

الوجه السادس: أليس في الإقرار بعقيدة الفداء دعوى للتحلل والشرور؟


(١) نظرة في كتب العهد الجديد (١١٣).
(٢) الميزان في مقارنة الأديان لعزت طهطاوي (١٥٨).
(٣) هل افتدانا المسيح على الصلب؟ لمنقذ سقار (١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>