للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٩ - شبهة: اختلاف المسلمين في أسباب النزول.]

قالوا: بأن الآية الواحدة قد يرد عليها أكثر من سبب نزول، وادَّعَوا أن هذا من التناقض.

والرد من وجوه:

الوجه الأول: لا نحتج إلا بالحديث الصحيح في أسباب النزول وغيرها.

الوجه الثاني: لا إشكال في تعدد أحاديث أسباب النزول وذلك من وجوه:

الوجه الثالث: فوائد معرفة أسباب النزول.

وإليك التفصيل

الوجه الأول: لا يُحتج إلا بالحديث الصحيح.

نحن لا نأخذ بكل حديث يُروى لنا في كتب التفسير لا في أسباب النزول ولا في غيرها.

قال الواحدي: لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل، ووقفوا علي الأسباب، وبحثوا عن علمها، وقد قال محمد بن سيرين: سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: اتق الله وقل سدادًا، ذهب الذين يعلمون فيم أنزل الله القرآن. وقال غيره: معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا وربما لم يجزم بعضهم فقال: أحسب هذه الآية نزلت في كذا، كما أخرج الأئمة الستة عن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - قال: خاصم الزبير رجلًا من الأنصار في شراج الحرة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ! فَتَلَوَّنَ وَجْهُ نَبِيِّ الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ: يَا زُبَيْرُ اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْر.

فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَالله إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: ٦٥]. (١)

وإذا أخبر الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عن آية من القرآن أنما نزلت في كذا، فإنه حديث مسند، مثال: عن جابر - رضي الله عنه - قال: كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول، فأنزل الله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}. (٢)


(١) البخاري (٢٣٥٩)، ومسلم (٢٣٥٧).
(٢) الإتقان في علوم القرآن ١/ ٨٩، والحديث رواه مسلم (١٤٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>