للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإصحاح السادس والعاشر والتاسع عشر من إنجيل متى.

فيما جاء في السادس: (لَا تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا الله وَالمَال. "لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لَا تَهْتَمُّوا لَحِيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ، وَلَا لأَجْسَادِكُمْ بِما تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الحيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ، وَالجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ ... لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلًا مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. فَلَا تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ.

وقال في التاسع عشر: الحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ السَّماوَاتِ! وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنَّ مُرُورَ جَمَل مِنْ ثَقْب إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلكُوتِ الله! .

وفي العاشر: لَا تَقْتَنُوا ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً وَلَا نُحَاسًا فِي مَنَاطِقِكُمْ، وَلَا مِزْوَدًا لِلَطَّرِيقِ وَلَا ثَوْبَيْنِ وَلَا أَحْذِيَةً وَلَا عَصًا.

وحث على الرهبانية وترك الزواج وفي ذلك قطع النسل البشري قال في (١٩: ١٠ من متى) (وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ). ثم إن ملكوت السموات قد أنيط أمره بالإيمان المجرد عن النظر في الأكوان، فماذا يكون حظ صاحب الاعتقاد بهذا الأصل من النظر في أي علم، والعلم لا دخل له في شؤون الآخرة والدنيا قد حرمت عليه؟ لا ريب أن همه يكون في الصلاة وصرف القلب بكليته إلى العبادة دون سواها, وليس الفكر في الخليقة من العبادة عنده، فإن عبادة الإنجيل ليست شيئًا سوى الإيمان والصلاة.

[الأصل الرابع: الإيمان بغير المعقول]

وبعد هذه الأصول أصل رابع، وهو عند عامة المسيحيين أصل الأصول، لا يختلف فيه كاثوليك، ولا أرثوذكس، ولا بروتستانت، وهو أن الإيمان منحة لا دخل للعقل فيها، وأن من الدين ما هو فوق العقل بمعنى ما يناقض أحكام العقل، وهو مع ذلك مما يجب الإيمان به. قال القديس أنسيلم (يجب أن تعتقد أولًا بما يعرض على قلبك بدون نظر، ثم اجتهد بعد ذلك في فهم ما اعتقدت) فليس الإيمان. وهو الوسيلة الفردة إلى النجاة، في حاجة إلى نظر العقل، والكون وما فيه لا يهم المؤمن أن يجيل في نظره. وقول القديس (ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>