للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانتظام وقد اشتبه نظمه على بعض الأفهام (١).

رابعًا: ويحتمل أن تكون الوفاة بمعنى قابضك.

أي: قابضك من الأرض فرافعك إلي، فيقال: توفيت من فلان مالي عليه بمعنى: قبضته واستوفيته، فمعنى قوله: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ. . .} أي: قابضك من الأرض حيًا إلى جواري، وآخذك إلى ما عندي بغير موت، ورافعك من بين المشركين وأهل الكفر بك. (٢)

خامسًا: ويحتمل أن تكون الوفاة بمعنى: إني متوفيك عن شهواتك وحظوط نفسك {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}؛ وذلك لأن من لم يصر فانيًا عما سوى الله لا يكون له وصول إلى مقام معرفة الله، وأيضًا فعيسى لما رفع إلى السماء صار حاله كحال الملائكة في زوال الشهوة والغضب والأخلاق الذميمة. (٣)

سادسًا: ويحتمل أني متوفيك أي: أجعلك كالمتوفى؛ لأنه إذا رفع إلى السماء وانقطع خبره وأثره عن الأرض كان كالمتوفى، وإطلاق اسم الشيء على ما يشابهه في أكثر خواصه وصفاته جائز حسن. (٤)

سابعًا: ويحتمل أن يقدر فيه حذف المضاف، والتقدير: متوفي عملك بمعنى: مستوفي عملك ورافعك إليَّ، أي: عملك إليَّ، وهو كقوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}، والمراد من هذه الآية أنه تعالى بشره بقبول طاعته وأعماله، وعرفه أن ما يصل إليه من المتاعب والمشاق في تمشية دينه، وإظهار شريعته من الأعداء فهو لا يضيع أجره ولا يهدم ثوابه. (٥)

ثامنًا: ويحتمل أن تكون الوفاة بمعنى: استيفاء مدة الإقامة أي: مستوفي مدة إقامتك بين قومك، والتوفي كما يطلق على الإماتة كذلك يطلق على استيفاء الشيء (٦).

الوجه الثاني: الرد على من قال بأن الوفاة في الآية بمعنى الموت.


(١) تفسير الطبري (٣/ ٢٩٠)، وابن عاشور (٣/ ٥٩)، وفتاوى ابن تيمية (٤/ ٢٢٣)
(٢) تفسير الطبري (٣/ ٢٩١).
(٣) تفسير الرازي (٨/ ٦٨).
(٤) المصدر السابق (٨/ ٦٨).
(٥) المصدر السابق (٨/ ٦٨).
(٦) تفسير الرازي (٨/ ٦٨)، ومحاسن التأويل (٤/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>