للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حماية الدماء والأبدان: وحق الحماية المقرر لأهل الذمة يتضمن حماية دمائهم، وأنفسهم، وأبدانهم، كما يتضمن حماية أموالهم وأعراضهم. فدماؤهم وأنفسهم معصومة باتفاق المسلمين، وقتلهم حرام بالإجماع. يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا" (١).

ولهذا أجمع فقهاء الإسلام على أن قتل الذمي كبيرة من كبائر المحرمات لهذا الوعيد في الحديث.

حماية الأموال: ومثل حماية الأنفس، والأبدان حماية الأموال، وهذا مما اتفق عليه المسلمون في جميع المذاهب وفي جميع الأقطار ومختلف العصور.

روى أبو يوسف في "الخراج" (٢) ما جاء به في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأهل نجران: "ولنجران وحاشيتها جوار الله، وذمة محمد النبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، على أموالهم، وملتهم، وبيعهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير ... ".

وفي عهد عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح أن: امنع المسلمين من ظلمهم والإضرار جهم وأكل أموالهم إلا بحلها.

فمن سرق مال ذمي قُطعِت يده، ومن غَصبه عزر، وأعيد المال إلى صاحبه، ومن استدان من ذمي فعليه أن يقضي دينه، فإن مطله وهو غني حبسه الحاكم حتى يؤدي ما عليه.

حماية الأعراض: ويحمي الإسلام عرض الذمي وكرامته كما يحمي المسلم وكرامته، فلا يجوز لأحد أن يسبه، أو يتهمه بالباطل، أو يشنع عليه بالكذب، أو يغتابه، ويذكره بما يكره في نفسه أو نسبه، أو خلقه، أو خَلْقِه أو غير ذلك مما يتعلق به.

يقول الفقيه الأصولي المالكي شهاب الدين القرافي في كتاب "الفروق": إن عقد الذمة يوجب لهم حقوقًا علينا؛ لأنهم في جوارنا وفي خفارتنا - حمايتنا -، وذمتنا وذمة الله تعالى، وذمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ودين الإسلام، فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة فقد ضيع


(١) رواه البخاري (٢٩٩٥).
(٢) الخراج صـ ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>