للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصواب -واللَّه أعلم- في ذلك أن أصل الكلمة آل ياسين كآل إبراهيم، فحذفت الألف واللام من أوله لاجتماع الأمثال ودلالة الاسم على موضع المحذوف، وهذا كثير في كلامهم إذا اجتمعت الأمثال كرهوا النطق بها كلها فحذفوا منها ما لا إلباس في حذفه، وإن كانوا لا يحذفونه في موضع لا تجتمع فيه الأمثال؛ ولهذا لا يحذفون النون من إني وأني وكأني ولكني ولا يحذفونها من ليتني، ولما كانت اللام في لعل شبيهة بالنون حذفوا النون معها، ولاسيما عادة العرب في استعمالها للاسم الأعجمي وتغييرها له فيقولون مرة: إلياسين، ومرة: إلياس، ومرة: ياسين، وربما قالوا: ياس، ويكون على إحدى القراءتين قد وقع على المُسلم عليه وعلى القراءة الأخرى على آله، وعلى هذا ففصل النزاع بين أصحاب القولين في الآل - أن الآل إن أُفرد دخل فيه المضاف إليه كقوله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (غافر: ٤٦)؛ ولا ريب في دخوله في آله هنا، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} (الأعراف: ١٣٠)، ونظائره، وقول النبي: اللهم صل على آل أبي أوفى، ولا ريب في دخول أبي أوفى نفسِهِ في ذلك، وقوله: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، هذه أكثر روايات البخاري، وإبراهيم هنا داخل في آله، ولعل هذا مراد من قال: آل الرجل نَفْسُهُ، وأما إِنْ ذُكر الرجل ثم ذكر آله لم يدخل فيهم، ففرق بين المجرد والمقرون؛ فإذا قلت: أعط لزيد وآل زيد لم يكن زيد هنا داخلًا في آله: وإذا قلت: أعطه لآل زيد تناول زيدًا وآله. اهـ (١).

جملة القول: أن القرآن نزل بلسان عربي مبين، وكان لابد أن يوافق سَنَنَ العرب؛ لأنه يخاطبهم، والعرب عندما يستخدمون الكلمات الأعجمية يضعون عليها طابعًا عربيًا لتصير معربة، وللعرب طُرق ولغات معلومة في استخدام الأسماء الأعجمية، وقد اختار القرآن أحد هذه اللغات والتي وافقت الفواصل للآيات، فجمعت هذه الكلمةُ حسنَ الانتقاء إلى حسنِ التناسب.

* * *


(١) جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام، في معنى: الآل واشتقاقه وأحكامه ٢٠٣ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>