قال تعالى في سورة الحج {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}[الحجر: ٥٣]، وقال تعالى في سورة هود: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (٧١)} [هود: ٧١].
قالوا هذا اضطراب في القرآن:
١. الأولى بشروا إبراهيم، والثانية بشروا زوجته.
٢. فهم أن البشارة في الآية: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (٧٤)} [هود: ٧٤] هي: إهلاك قوم لوط، وقالوا: ولكننا نعلم أن الأنباء بإهلاك (سدوم) هي بخلاف البشارة بميلاد إسحاق.
والجواب عن هذا من هذه الوجوه:
الوجه الأول: أن هذا ليس بتعارض، فالولد لهما جميعًا فبشروه أولًا، ثم بشروها.
الوجه الثاني: بيان الحكمة في تخصيص سارة بالبشارة.
الوجه الثالث: في بيان معنى البشرى، وأن المراد بها البشرى بإسحاق.
وإليك التفصيل،
[الوجه الأول: أن هذا ليس بتعارض.]
إذ إن الولد لإبراهيم - عليه السلام - ولزوجته، فالبشرى لهما أو لأحدهما بشرى للجميع، فبشروه أولًا، ثم بشروها ثانيًا، فالأصل هي البشرى لإبراهيم - عليه السلام -، كما قال تعالى: {قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (٥٣) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (٥٤) قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ} [الحجر: ٥٣ - ٥٥]، وقال تعالى:{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ}[الصافات: ١١٢]، وقال تعالى: {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (٢٨) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} [الذاريات: ٢٨, ٢٩].