للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّبْعِ الطِّوَالِ. (١)

فقول عثمان: "فَظَنَنَّا أَنَّهَا مِنْهَا، وَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا" صريحٌ في عدم التوقيف. (٢)

فهذا الحديث يدل عندهم على أن ترتيب السور لم يكن بتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل كان باجتهاد من الصحابة.

رابعًا: عن يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ قَالَ: إِنِّي عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضي الله عنها -، إِذْ جَاءهَا عِرَاقِيٌّ فَقَالَ: أَيُّ الْكَفَنِ خَيْرٌ؟ قَالَتْ: وَيْحَكَ وَمَا يَضُرُّكَ؟ ! قَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرِينِي مُصْحَفَكِ. قَالَتْ: لِمَ؟ قَالَ: لَعَلِّي أُؤَلِّفُ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ. قَالَتْ: وَمَا يَضُرُّكَ أَيَّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ؟ . . . قَالَ: فَأَخْرَجَتْ لَهُ الْمُصْحَفَ فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ آيَ السُّوَرِ. (٣)

ووجه الدلالة فيه أن السائل كان يسأل عن ترتيب السور، بدليل قول عائشة له: وَمَا يَضُرُّكَ أَيَّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ؟ لأن السلف متفقون على المنع من قراءة القرآن منكوسًا، بأن يقرأ من آخر السورة إلى أولِها، ولو كان السائل يسأل عن ترتيب الآي لأنكرت عليه عائشة قراءة القرآن غير مؤلف. (٤)

القول الثاني: أن هذا الترتيب توقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبه قالت طائفة من أهل العلم. (٥)

قال أبو جعفر النحاس: المختار أن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (٦)


(١) رواه أحمد في المسند (١/ ٩٢)، (١/ ١١١)، وأبو داود (٧٨٦)، والترمذي (٣٠٨٦).
(٢) نكت الانتصار لنقل القرآن صـ ٨٢.
(٣) البخاري (٤٩٩٣).
(٤) فتح الباري (٨/ ٦٥٥).
(٥) قال البيهقي في المدخل: كان القرآن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتبًا سوره وآياته على هذا الترتيب إلا الأنفال وبراءة لحديث عثمان السابق. قال السيوطي: والذي ينشرح له الصدر ما ذهب إليه البيهقي، وهو أن جميع السور ترتيبها توقيفي، إلا براءة والأنفال، ولا ينبغي أن يستدل بقراءته - صلى الله عليه وسلم - سورًا ولاءً على أن ترتيبها كذلك، وحينئذ لا يَرِدُ حديث قراءته النساء قبل آل عمران؛ لأن ترتيب السور في القراءة ليس بواجبٍ، ولعله فعل ذلك لبيان الجواز. الإتقان في علوم القرآن ١/ ١٧٩: ١٧٧.
(٦) البرهان (١/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>