٣ - الخبر المحتف بالقرائن يفيد العلم النظري، وقد ذكر ابن حجر أنواع هذه القرائن، فقال:
أ - منها: ما أخرجه الشيخانِ في صحيحيهما، مما لم يبلغ التواتر، فإنه احتفَّتْ به قرائنُ، منها:
- جلالتهما في هذا الشأن.
- وتقدُّمهما في تمييز الصحيح على غيرهما.
- وتلقِّي العلماء لكتابيهما بالقبول، وهذا التلقِّي وحده أقوى في إفادة العِلْم مِن مجردِ كثرةِ الطرق القاصرة عن التواتر.
ب- ومنها: المشهور إذا كانت له طرقٌ متباينةٌ سالمةٌ مِن ضعف الرواة والعلل.
جـ - ومنها: المسَلْسَلُ بالأئمةِ الحفاظِ المتقنين، حيث لا يكونُ غريبًا، كالحديث الذي يرويه أحمدُ بن حنبل، مثلًا، ويشاركه فيه غيره عن الشافعي، ويشاركه فيه غيره عن مالك بن أنس، فإنه يفيد العلمَ عند سامعِه بالاستدلال مِن جهةِ جَلالةِ رواتِهِ، وأنَّ فيهم مِن الصفاتِ اللائقةِ الموجِبةِ للقبولِ ما يقوم مقام العدد الكثير مِن غيرهم، ولا يتشكك مَنْ له أدنى ممارسةٍ بالعلم، وأخبار الناس أنّ مالكًا - مثلًا - لو شافهه بخبرٍ أنه صادق فيه، فإذا انضاف إليه مَن هو في تلك الدرجة ازداد قوةً، وبَعُدَ ما يُخْشَى عليه مِن السهو. (١)
[محل الخلاف]
وبعد نقل ما سبق يتبين لنا محل الخلاف في إفادة خبر الواحد العلم، أو الظن إنما هو في الخبر الذي لم ينضم إليه ما يقويه من القرائنن ولم تتلقه الأمة بالقبول، ولم ينعقد الإجماع على العمل بمقتضاه.