والواجب الثالث عليهم: أن يحترموا شعور المسلمين الذين يعيشون بين ظهرانيهم، وأن يراعوا هيبة الدولة الإسلامية التي تظلهم بحمايتها ورعايتها.
فلا يجوز لهم أن يسبوا الإسلام ورسوله وكتابه جهرة، ولا أن يروجوا من العقائد والأفكار ما ينافي عقيدة الدولة ودينها، ما لم يكن ذلك جزءًا من عقيدتهم كالتثليث والصلب عند النصارى.
ولا يجوز لهم أن يتظاهروا بشرب الخمر وأكل الخنزير، ونحو ذلك مما يحرم في دين الإسلام، كما لا يجوز لهم أن يبيعوها لأفراد المسلمين، لما في ذلك من إفساد المجتمع الإسلامي.
وعليهم ألا يظهروا الأكل والشرب في نهار رمضان، مراعاة لعواطف المسلمين.
وكل ما يراه الإسلام منكرًا في حق أبنائه، وهو مباح في دينهم، فعليهم -إن فعلوه- ألا يعلنوا به، ولا يظهروا في صورة المتحدي لجمهور المسلمين حتى تعيش عناصر المجتمع كلها في سلام ووئام.
إن التسامح الديني والفكري له درجات ومراتب.
فالدرجة الدنيا من التسامح أن تدع لمخالفك حرية دينه وعقيدته، ولا تجبره بالقوة على اعتناق دينك، أو مذهبك، بحيث إذا أبى حكمت عليه بالموت، أو العذاب، أو المصادرة، أو النفي، أو غير ذلك من ألوان العقوبات والاضطهاد. فتدع له حرية الاعتقاد، ولكن لا تمكنه من ممارسة واجباته الدينية التي تفرضها عليه عقيدته، والامتناع مما يعتقد تحريمه عليه.
والدرجة الوسطى من التسامح أن تدع له حق الاعتقاد بما يراه من ديانة ومذهب ثم لا تضيق عليه بترك أمر يعتقد وجوبه أو فعل أمر يعتقد حرمته، فإذا كان اليهودي يعتقد حرمة العمل يوم السبت فلا يجوز أن يكلف بعمل في هذا اليوم؛ لأنه لا يفعله إلا وهو