للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يشهد لذلك الترجيح هذه الرواية عن أبي إسحاق، أن زيادا لما قدم الكوفة، قال: قد جئتكم في أمر ما طلبته إلا إليكم، قالوا: ادعنا إلى ما شئت، قال: تلحقون نسبي بمعاوية؟ قالوا: أما بشهادة الزور فلا، فأتى البصرة، فشهد له رجل. (١) اهـ

الوجه الثالث: أن معاوية أقر عليه ابن زياد لأمور مقبولة عنده اجتهادًا منه - رضي الله عنه - ولقد ساق ابن العربي هذه الشبهة ورد عليه بما حاصله هذا العنوان.

فقال رحمه الله: فإن قيل أحدث معاوية في الإسلام الحكم بالباطل، والقضاء بما لا يحل من استلحاق زياد قلنا قد بينا في غير موضع أن استلحاق زياد إنما كان لأشياء صحيحة، وعمل مستقيم نبينه بعد ذكر أمثل ما ادعى فيه المدعون من الانحراف عن الاستقامة.

قالوا: كان زياد ينتسب إلى عبيد الثقفي من سمية جارية الحارث بن كلدة، واشترى زياد عبيد أباه بألف درهم فأعتقه قال أبو عثمان النهدي فكنا نغبطه، واستعمله عمر على بعض صدقات البصرة، وقيل بل كتب لأبي موسى فلما لم يقطع الشهادة مع الشهود على المغيرة جلدهم وعزله، وقال له: ما عزلتك لخزية، ولكني كرهت أن أحمل على الناس فضل عقلك، ورووا أن عمروا أرسله إلى اليمن في إصلاح فساد، فرجع وخطب خطبة لم يسمع مثلها فقال عمرو بن العاص: أما والله لو كان هذا الغلام قرشيًا لساق الناس بعصاه، فقال أبو سفيان: والله إني لأعرف الذي وضعه في رحم أمه فقال له علي: ومن؟ قال: أنا. قال: مهلا يا أبا سفيان فقال أبو سفيان في ذلك أبياتا من الشعر، فذلك الذي حمل معاوية واستعمله علي على فارس، وحمى، وجبي، وفتح، وأصلح.

وكاتبه معاوية يروم إفساده فوجه زياد بكتابه إلى علي. فكتب إليه علي: إني وليتك ما وليتك، وأنت أهل لذلك عندي، ولن يدرك ما تريد بما أنت فيه إلا بالصبر واليقين، وإنما كانت من أبي سفيان فلتة زمن عمر لا تستحق بها نسبًا، ولا ميراثًا، فلما قرأ زياد الكتاب


(١) إسناده ضعيف. أخرجه الطبري في التاريخ حوادث سنة (٤٤) فقال حدثني أحمد بن زهير، قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح، -صدوق يتشجع كما في التقريب ت ٣٨٩٨ - قال: حدثنا عمرو بن هاشم- الجنبي لين الحديث التقريب (ت ٥١٢٦) عن عمر بن بشير الهمداني- ضعيف لسان الميزان ت (٨٢٠) عن أبي إسحاق به وهذا إسناد ضعيف ويشهد له ظاهر حديث مسلم من أن زيادًا هو الذي دعا نفسه ابن أبي سفيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>