للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلب الولاية بالشرط الذي ذكرنا من تعينها ووجود الحاجة إلى الطلب - فلا يجعل هذا أصلًا شرعيًا يستمر عليه أو يعتمده المسلمون كنظام لحياتهم ومجتمعهم ووظائفهم (١).

ثالثًا: طلب يوسف - عليه السلام - الولاية لثقته من نفسه بما آتاه الله من العصمة.

يحتمل أن يكون النهي عن تولي الولاية والنهي عن طلبها في غير الأنبياء، وذلك لوثوق الأنبياء من أنفسهم بسبب العصمة من الذنوب (٢).

[الوجه الرابع: وقيل: طلب يوسف - عليه السلام - الولاية خاص بشريعته.]

فلا يعارض الثابت في شرعنا ما كان في شرع غيرنا، فيمكن أن يكون الطلب في شرع يوسف - عليه السلام - سائغًا (٣).

[الوجه الخامس: أن يوسف - عليه السلام - طلب الولاية بالحفظ والعلم، لا بالنسب والجمال.]

لم يقل يوسف - عليه السلام -: إني حسيب كريم، وإن كان كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم؛ يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم" ولا قال: إني جميل مليح، إنما قال: {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}، فسألها بالحفظ والعلم، لا بالنسب والجمال، وأنه وصف نفسه بالأمانة والكفاءة؛ وهما مقصود الملوك ممن يُوَلُّونه؛ إذ هما يعمان وجوه التثقيف والحياطة، ولا خلل معهما لقائل (٤).

* * *


(١) تأملات إيمانية في سورة يوسف (١٥٤: ١٥٣).
(٢) فتح الباري (١٣/ ١٢٦).
(٣) تأملات إيمانية في سورة يوسف (١٥٤).
(٤) أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ١٠٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>