للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمالي" لأبي علي القالي أو الحماسة لأبي تمام أو كتب مختارات الأدباء والشعراء أو كتب تراجم الأدباء إلى آخر ما هنالك من قضايا تحقيق نسبة الشعر لأصحابه (١).

وإن أي باحث في الأدب العربي يعلم أن شعر امرئ القيس قد وجد عناية خاصة، وتضافرت جهود القدماء والمحدثين على جمعه وروايته ونشره، وهناك العديد من النسخ المشهورة لديوانه كنسخة الأعلم الشنتمري، ونسخة الطوسي، ونسخة السكري، ونسخة البطليوسي، ونسخة ابن النحاس وغيرها، ولا يوجد أي ذكر لهذه الأبيات في هذه النسخ، على الرُّغْم من أنها تذكر ما نُحِلَ عليه لتنقده، وكذلك كان أمر الدراسات المعاصرة التي عنيت بشعر امرئ القيس وما نسب إليه وخبر دواوينه، لم تذكر شيئًا من هذه الأبيات لا على أنها من قوله، ولا على أنها مما نحل عليه. ومنها دراسة للأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم في أكثر من خمسمائة صفحة حول امرئ القيس وشعره، وقد ذكر فيه ما صحت نسبته إليه وما لم يصح، وما نحل عليه ومَن نحله، ولم يذكر مع ذلك بيتًا واحدًا من هذه الأبيات السابقة.

فهل كان الأعاجم أصحاب هذه الشبهات أعلمَ بامرئ القيس وشعره من هؤلاء جميعًا الذين عنوا بجمعه وتمحصيه ونقده؟ ! !

[الوجه السابع: أن المتقدمين من أهل اللغة والأدب كانوا يذكرون في كتبهم قضية اقتباس الشعراء من كلام الله تعالى وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -.]

وعلى عكس كلامهم في اقتباس القرآن، فإن ابن داود الظاهري الأصفهاني (ت: ٢٢٧ هـ) عقد في كتابه (الزهرة) فصلًا لما استعانت به الشعراء من كلام الله تعالى، وكان مما ذكر عن قوله سبحانه: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (٢)} أن الخنساء ضمنته في أبيات لها فقالت:

أبعدَ ابن عمرو من آل الشّريد ... حلَّتْ به الأرضُ أثقالها

فخر الشّوامِخُ من فَقْدِه ... وزُلزلتِ الأرضُ زلزالها. (٢)


(١) قواعد رواية الشعر ونسبته لأصحابه مع التطبيق العملي على ذلك تجدها مفصلة في كتاب (نمط صعب ونمط مخيف) للأستاذ محمود محمد شاكر.
(٢) الزهرة ١/ ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>