عقلا، أو يكون ناسوت المسيح جزءا من آدم كسائر البشر الذي توالد منه، فيكون آدم قد فدى ببعضه، وأن يفدي الناس بأحد منهم يبطل عقيدة الفداء، ولا يكون هناك معنى لنزول الله أو لتجسده أو لقيامه بالكفارة، إذ إن عقيدة المسيحيين كما بينا لا تنص على كون الله انتقم من الناس في شخص أحدهم، أو قبل فداء واحد منهم عن الآخرين.
وإما أن يكون العذاب قد وقع على ناسوت المسيح ولاهوته، ولا يخرج حكم ذلك عما قدمنا، فيثبت بذلك بطلان جواز دعوى الفداء.
(و) يذبح الله الله فما دخل البشر؟ !
يقول النصارى (رؤيا ١٣/ ٨) أنه كان في الأزل، قبل وجود الكائنات، ثلاث وجودات أزلية، وهي: كائن، وخروف مذبوح، وروح القدس "أي الله والمسيح المصلوب والروح القدس" فمن ذبح الخروف غير أحد الكائنين الآخرين! فأية علاقة بين البشر وما تفعله الآلهة فيما بينهم؟ ! ! ! .
سابعًا: المسيح لم يدع أنه جاء ليخلص الناس من خطيئة آدم:
إن المسيح - عليه السلام - وجميع الأنبياء والرسل قبله لم يذكروا لنا شيئا مطلقا عن هذا الذنب المغروس، وإلا فها هي التوراة بين أيديهم، وها هي الأناجيل التي يؤمنون بها، هاهي أمامهم ولم يذكر في أحدها أن بني آدم وصموا بذنب لم يقترفه أحدهم.
يقول المسيحيون: إن المسيح هو الله وأنه ما نزل في هذا العالم، وما انحط إلى مستوى البشر إلا ليخلص الناس من ذاك الذنب المزعوم، فإذا كان هذا هو السبب الوحيد الذي أرسل من أجله المسيح، فلم لم يقل عنه شيئا! ! ولم لم يبينه! !
لقد كان المسيح معلم الشعب، فإذا كان نزل للفداء فكان عليه أن يشرح ما جاء من أجله خاصة، وما كان هناك أدنى داع للتعليم والتهذيب والإرشاد إلى الطريق الذي يدخل الجنة، ما دام محض مجيئه يكفي لخلاصهم وخلاص العالم معهم. (١)
(١) المسيح والتثليث، محمد وصفي (١٤٧ - ١٥٦) وانظر: أدلة الوحدانية في الرد على النصرانية، محمد بن صفي الدين الحنفي (٦٤).