للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: قوله تعالى في آخر السورة: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي} (يونس: ١٠٤)، فبين أن المذكور في أول الآية على سبيل الرمز، هم المذكورون في هذه الآية على سبيل التصريح.

الثاني: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لو كان شاكًا في نبوة نفسه، لكان شك غيره في نبوته أولى، وهذا يوجب سقوط الشريعة بالكلية.

والثالث: أن بتقدير أن يكون شاكًا في نبوة نفسه، فكيف يزول ذلك الشك بأخبار أهل الكتاب عن نبوته، مع أنهم في الأكثر كفار، وإن حصل فيهم من كان مؤمنًا، إلا أن قوله ليس بحجة، لا سيما وقد تقرر أن ما في أيديهم من التوراة والإنجيل، فالكل مُصَحف محرف، فثبت أن الحق هو أن الخطاب، وإن كان في الظاهر مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا أن المراد هو الأمة، ومثل هذا معتاد، فإن السلطان الكبير إذا كان له أمير، وكان تحت راية ذلك الأمير جمع، فإذا أراد أن يأمر الرعية بأمر مخصوص؛ فإنه لا يوجه خطابه عليهم، بل يوجه ذلك الخطاب على ذلك الأمير الذي جعله أميرًا عليهم، ليكون ذلك أقوى تأثيرًا في قلوبهم. (١)

[الوجه السادس: في معنى الشك.]

وقيل: الشك ضيق الصدر، أي إن ضاق صدرك بكفر هؤلاء فاصبر، واسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك يخبروك صبر الأنبياء من قبلك على أذى قومهم، وكيف عاقبة أمرهم.

والشك في اللغة: أصله الضيق، يقال: شك الثوب أي ضمه بخلال، حتى يصير كالوعاء.

وكذلك السفرة تمد علائقها حتى تنقبض، فالشك يقبض الصدر ويضمه حتى يضيق، ثم استأنف الكلام فقال - لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين أي الشاكين المرتابين، {وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٩٥)} (يونس: ٩٥) والخطاب في هاتين الآيتين للنبي - صلى الله عليه وسلم - والمراد غيره. (٢)

الوجه السابع: أن تكون (إن) بمعنى ما.


(١) تفسير الرازي، والقرطبي سورة يونس آية (٩٤)
(٢) تفسير القرطبي سورة يونس آية (٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>