ثانيها: الاشتغال بمحض الشهوة تشبه بالبهيمة، وإذا كان الاشتغال بالشهوة يفيد فائدة أخرى سوى قضاء الشهوة؛ فليكن قضاء الشهوة من المرأة يفيد فائدة أخرى سوى قضاء الشهوة، وهو حصول الولد وإبقاء النوع الإنساني الذي هو أشرف الأنواع؛ فأما قضاء الشهوة من الذكر فإنه لا يفيد إلا مجرد قضاء الشهوة، فكان ذلك تشبهًا بالبهائم، وخروجًا عن الغريزة الإنسانية، فكان في غاية القبح.
ثالثها: هب أن الفاعل يلتذ بذلك العمل؛ إلا أنه يبقى في إيجاب العار العظيم، والعيب الكامل بالمفعول على وجه لا يزول ذلك العيب عنه أبد الدهر، والعاقل لا يرضى لأجل لذة خسيسة منقضية في الحال؛ إيجاب العيب الدائم الباقي بالغير (١).
تبيين أن الشرع حرم اللواط لمصلحة المسلم جسديًا
[١ - اللواط يصرف الرغبة عن المرأة]
من شأن اللواطة أن تصرف الرجل عن المرأة، وقد يبلغ به الأمر إلى حد العجز عن مباشرتها، وبذلك تتعطل أهم وظيفة من وظائف الزواج، وهي إيجاد النسل؛ ولو قدر لمثل هذا الرجل أن يتزوج، فإن زوجته تكون ضحية من الضحايا، فلا تظفر بالسكن، ولا بالمودة، ولا بالرحمة التي هي دستور الحياة الزوجية، فتقضي حياتها معذبة معلقة، لا هي متزوجة ولا مطلقة.
[٢ - التأثير في الأعصاب]
فإن هذه العادة تغزو النفس، وتؤثر في الأعصاب تأثيرا خاصا؛ أحد نتائجها الإصابة بالانعكاس النفسي في خلق الفرد؛ فيشعر في صميم فؤاده بأنه ما خلق ليكون رجلا، وينقلب الشعور إلى شذوذ؛ به ينعكس شعور اللائط انعكاسًا غريبًا؛ فيشعر بميل إلى بني جنسه، وتتجه أفكاره الخبيثة إلى أعضائهم التناسلية. ومن هذا تتبين العلة الحقيقية في إسراف بعض الشبان الساقطين في التزين وتقليدهم النساء في وضع المساحيق المختلفة على وجوههم، ومحاولتهم الظهور بمظهر الجمال بتحمير أصداغهم، وتزجيج حواجبهم،