للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} [النمل: ٥٤ - ٥٨].

هذا قول الله تعالى، فمن أين أتوا بهذه الأقوال الباطلة؟ !

وقال الذهبي في كتاب الكبائر: وأجمع المسلمون على أن التلوط من الكبائر التي حرم الله تعالى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (١٦٦)}. أي: مجاوزون من الحلال إلى الحرام. (١)

وعن جَابِر قال: قَال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ". (٢)

الوجه الرابع: قوله تعالى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ. . .} هو وصف للأبرار المنعمين في الجنة وليس وصفًا لخدمهم.

وبهذا نرد على من يقول بأن الله يغري من يريد الدخول للجنة بالولدان ذوي الملابس الحريرية وما ذاك إلا بسبب الفهم الخاطئ لقوله تعالى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ}. فنقول: الأبرار الذين تستطرد الآيات في وصف نعيمهم بدءًا من قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (٥)} إلى أن قال: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (٢١) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (٢٢)} لاحظ التقرير بأن هذا المذكور هو جزاء لهؤلاء الأبرار.

ويتضح المعنى أكثر حينما نعود إلى الآيات القرآنية التي تناولت نفس الموضوع لنرى لمن يكون هذا اللباس؟

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (٣٠) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ


(١) كتاب الكبائر للحافظ الذهبي الكبيرة الحادية عشر.
(٢) رواه الترمذي (١٤٥٧)، وابن ماجه (٢٥٦٣)، وأحمد في مسنده ٣/ ٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>